محمد طلب يكتب : *الرجوع والعودة في الاغاني السودانية (4-10)* *(في وجودي اريدك وغيابي)*

 

هذه المقالات باي شكل من الاشكال بها تاملات حول الهوية والانتماء والارتماء والاحتماء بارض الوطن و ترابه وليس هناك خلاف علي ذلك اختلفت او اتفقت مع المضمون او رمزيته

فقد يُفسر حديثنا عن أمر العودة هذه الايام وفريقيه المناصر و المعارض او يحور الي غير المقصود منه و الرامي اليه لكنه لا ينفي بأي حال وطنية الفريقين و انتمائهم لهذه الارض رغم اختلاف الفكرة فهذه الحرب نفسها حرب (سودانية سودانية) اتاحت الفرصة للتدخلات الاجنبية والاتهامات المتبادلة و حل معضلات هذه الحرب لايتم إلا عبر سودانيون عقلاء حكماء يعرفون جيداً ان (السودان للسودانين) م باختلاف اديانهم وقبائلهم و سحناتهم وكل تنوعهم الجميل والتسامح والتنازلات من اجل السودان تبقي ضرورة والقواتين والانظمة تدين والكل اخطأ ..

تعتبر الأغاني السودانية مصدرًا غنياً للتعبير عن المشاعر الإنسانية و من بين المواضيع التي تتناولها هذه الأغاني نجد موضوع( العودة والرجوع إلى الوطن ) و ابعاد العبارة ورمزياتها و هذا الموضوع يعكس الحنين والشوق إلى الأرض والوطن وناسه وكائناته و حجاره ورماله و غاباته والانهار و الاجواء والطقوس حتي ما به من قبح نشتاقه ونعمل علي تغييره بأيادينا ….
و هو غناء يعبر عن مشاعر متعددة تتعلق بالهوية والانتماء وبما اننا نؤمن (ان السودان للسودانين) فيجب ان نعرف مع نهاية هذه الحرب ثم ( العودة والرجوع ) ما هو السودان من هو السوداني؟؟

فالعودة (المجهجهة ) لا تجد عندي الترحيب فلابد من تعريف واضح (للسوداني) الانسان والسودان الوطن وجغرافيته كاملة لان امر محبتنا لهذا الوطن محسومة لا تحتاج عودة الاجساد بل روح الوطنية وقد عبّر عن ذلك الراحل سيد خليفة في اغنية رائعة تقول :-

*يا وطنى يا بلد*
*أحبابى*
*فى (وجودى) احبك و(غيابى)*

فالامر محسوم إن كنا داخل البلاد او خارجها فالاهم ان الوطن بدواخلنا مخترقاً للوجدان والدواخل

*(اقول بعضي الاقيهو تسرب في مسارب الروح بقي كلي)*

انه شكل محبتنا لهذا الوطن:(سوداني الجوووة وجداني بريدو)

في الأغاني السودانية نجد الشوق للعودة إلى الوطن بعد فترة من الغربة أو الابتعاد لظرف ما مثل ما تمر به بلادنا الان فهذه الأغاني تعبر عن الألم والحزن الناجم عن الفراق و نتمنى( العودة) إلى الأرض التي ولدنا فيها حيث الجذور والذكريات مفرحها والأليم انه ارتباط عجيب وكأننا مخلوقون من ترابها والماء…

من خلال هذه الأغاني نستطيع أن نفهم مدى أهمية الوطن في حياة الإنسان السوداني و مدى تأثيره على هويته وانتمائه…
(العودة والرجوع) إلى الوطن ليس مجرد عودة جسدية بل هو عودة روحية و وجدانية تحيا بها الاوطان…

في هذه السلسلة من المقالات سنتناول بعض الأمثلة على الأغاني السودانية التي تتحدث عن العودة والرجوع ونطرح (شروطها) المرضية للجميع لان كل ما هو مشروط يرجي منه و سوف نحلل المعاني والرموز المستخدمة في هذه الأغاني

*تراب اهلي يا ناس تراب اهلي*
*عراريقم طواقيهم*
*طواريهم سواقيهم*
*بنات بلدي يا ناس بنات بلدي*
*رقيصاتن شبابيلن*
*طريحاتن مناديلن*
*سماح ناسن حلات ناسن بلا السكر*
*طعم قراصة في قدحا من الدبكر*
*اشوف فيك صورة مابتنشاف*
*اشم ريحة الكليت والشاف*

ورمزية الانثي المعبرة عن الوطن التي مرت بمراحل في الشعر والغناء السوداني حتي صار يرمز للسودان ب (عازة) او(عزة) في وطنيات خليل فرح والرمزية في اغنيته ( فلق الصباح)

سنرى كيف تعبر هذه الأغاني عن مشاعر الحنين والشوق وكيف تعكس الهوية والانتماء للوطن في جغرافيته الملونة فنسمع عبد القادر سالم في (مكتول هواك يا كردفان) و عمر احساس في (دارفور بلدنا)
والعمرابي في مدينتي (العيلفون جنة عدن) واخر في (نسائم عطبرة الحلوات) والكثير الذي لا تسمح به هذه المساحة وتبقي عودتنا لكل تلك المناطق (مشروطة ) وهي شروط علينا لا علي الوطن الذي كدنا ان نقتله بايدينا و(هتافنا البغيض) و غباء( البل البل) وكل البلبلة التي اهلكت الوطن

العودة والرجوع في الأغاني السودانية ليس مجرد موضوع بل هو تعبير عن الهوية والانتماء للوطن ومن خلال هذه الأغاني نستطيع أن نفهم مدى أهمية الوطن في حياة الإنسان ومدى تأثيره على الهوية والانتماء
وخير ختام لهذا الجزء هو رمزية (الانثي الوطن ) في كلمات الشاعر سيف الدين الدسوقي:-

*كلماتى يا زمن الافراح الوردية*
*عبرت موج البحر لتصل اليك*
*لتقول انا مشتاق*
*لتطل قليلا فى عينيك*
*ولتحمل عذرى فى سفرى*
*فانا يا سمراء الصحراء هذا قدرى*
*انا اعشق انثى عاصمة*
*تلك المحبوبة امدرمان*

وختام الختام اوقفوا هذه الحرب كي نعود ويعود زمن الافراح الوردية

سلام
محمد طلب