*الرجوع والعودة في الاغاني السودانية 7-10* *(رجعنالك) + (كيف الرجوع لي زول قنع)*

هذه المقالات في مجملها قد لا يتضح غرضها من العنوان لانها تحمل اسقاطات لكلمات اغنيات (الرجوع و العودة) علي الحالة الراهنة لأهل السودان والاوضاع الحالية من تشرد ونزوح واضطراب نفسي و وجداني كبير و نفوس تائهة حائرة في اصقاع الدنيا تناجي الخالق ان يحفظها والبلاد فالامر ليس مجرد حديث عن كلمات الاغاني التي تتحدث عن (العودة) بعد الهجرة او الرجوع المُسبب بل اردنا ان نعكس حالة اهلنا باسلوب يجد مدخله الي النفوس ويطيب الخواطر ويزرع ابتسامة علي الوجوه المتعبة من طول الفراق والفراغ العريض الذي تعيشه و ربما يجعلها تترنم بتلك الاغنيات لعلها تقوم بالتخفيف عليهم
نتناول اليوم اغنيتان متناقضتان و اظنهما تمثلان فريقي العودة (المطلقة) والفريق المضاد للعودة (المجهجة) لكن الاغنيتين في عمقهما تشتركان في اصل واحد هو( الحب،) و هما اغنية البلابل واصواتهن العذبة الجميلة الندية في (رجعنالك)
*رجعنالـك وجينا*
*غفرنا انك بالوشايه فـصدت كبـد الفرحه فـينا..*
*رجعنالك وعينينا الـبكت* *فـجعت رموشه دموع سخينا..*
*و بفرح عودتنا رفت زغردت كلـمات حنينه..*
واضح ان الوشايا التي ادت للبعد والحرمان (كماهو حالنا الان ) في حرب (القولات والتحريش والتحرش والبل والجغم) من كل الاطراف و وضع الجميع في موقف يحتاج الحكمة المفقودة.. لكن الحال في الاغنية مختلف فقد آثر المحبين بالاغنية الغفران و هذا صار عصياً في الحرب (السودانية السودانية) لان هناك( غدر) وخيانة مما يجعلنا نذهب للنص الاخر في اغنية مصطفي سيداحمد (غدار دموعك)
*غدّار دموعك مابتفيد لي زول حواسّو إتحجرت*
*جرّب معاك كل السبل إيديهو ليك ما قصرت*
*حطمت في قلبو الأمل كل الأماني الخدّرت*
*كلماتو ليك ضاعت عبس لا قدّمت لا أخّرت*
(ديل طبعاً ناس المدنياااااااا)
ونجد التناقض الرئيس بين الاغنيتين كامن في الرفض للرجوع في صيغة استفهامية بغرض التعجب الموجود داخل تفاصيل النص الكامل للاغنية عند تأمله و نقتبس منه :-
*لا تنبش الماضي البعيد الم تكن يومًا لقلبي واقعاً مجهـــولا*
*لا تنكأ الجرح القديم فإننى ودعت ليلا مظلماً و ثقيلا*
و لن نخوض في منعرجات النص لكنه وصل إلي ان يُعبّر عن ذلك بشكل استفهامي:-
*كيف الحنين وكتين يهز لى زول بعيد ما بتلحق*
*(كيف الرجوع لي زول قنع) شايل رماد قلبـو الحرق؟؟*
استفهامات استغراب وتعجب تختلف تماماً عن ما جاء في اغنية البلابل وتعبيرها عن عدم رفض العودة و قبولها المطلق
*رجعنالك وكـيف نرفـض رجوع القمره لوطن الـقـمارى*
وهي ذات الدعوة التي تضج بها الاسافير ولكن العقل يقول انها عودة (مجهجة) حربها لم تنته بعد ارادوا بها كسباً سياسياً ضمن اللانظام واللا سياسة في عالمهم
العودة إلى الوطن أو إلى الحبيب بعد فترة من النزوح والهجر القسري يمكن أن تكون تجربة عميقة ومؤثرة و في سياق الحرب السودانية يمكن أن تكون العودة إلى الوطن أو إلى الحبيب بعد فترة من الفراق والشوق أكثر تعقيدًا.
(رجعنا لك) تعبر عن الشوق واللهفة للعودة إلى الحبيب، وعن الفرحة بلم شمل الأحبة مرة أخرى. يمكن أن تكون هذه الأغنية تعبيرًا عن الرغبة في العودة إلى الوطن أو إلى الحبيب بعد فترة من الغربة أو الفراق.
من ناحية أخرى، (كيف الرجوع لي زول قنع) تعبر عن التردد والشك في العودة إلى الحبيب (الوطن) بعد أن يكون قد تغير أو بعد أن تكون الظروف قد تغيرت وهناك موانع تحول دون العودة و هذه الأغنية يمكن أن تعبر عن المخاوف والقلق من العودة إلى وطن وصراعات وحرب لم تنته بعد واسباب الفراق ما زالت قائمة
والاغنيتين يمكن أن تكونا تعبيرًا عن تجارب إنسانية عميقة ومتناقضة، وتعكسان تعقيدات المشاعر الإنسانية في مواجهة التحديات والصراعات.
ختاماً قصدنا ان تكون هذه المقالات بعيدة عن جفاف اساليب الكتابة عن السياسة والازمات الانسانية وتجد طريق سهل لقارئ يعاني الويلات .
سلام
محمد طلب