مطاعم “كلوا ببلاش ” في الخرطوم وسيلة للتغلب على الجوع ولكن !!

الخرطوم : سودان سوا

السندوتش ب(40) جنيه والعصير ب(30) جنيه
مطاعم “كلوا ببلاش ” في الخرطوم وسيلة للتغلب على الجوع ولكن !!
خبيرة تغذية :”القوانص ” مفيدة ويجب مراعاة البيئة والنظافة
صاحب مطعم يتهم منافسين له بتلوث البيئة ويشكو من انتشار اللصوص
اقتصادي : ما يحدث اسلوب تنافسي قائم على ترضية الزبون
ضابط صحة : السلطات تعمل على تنظيم القطاع
تحقيق : ‘إنتصار فضل الله
بقدر ما في العاصمة السودانية الخرطوم من تنوع .. بقدر ما فيها من طعام مختلف انواعه واشكاله ، فبالرغم من تعدد المحلات تبقى مطاعم ب”بلاش ” كما يطلق عليها الكثيرون هي الجاذبة لبعض المواطنين لانخفاض الاسعار .
تنبسط هذه المحلات على إمتداد السوق الشعبي امدرمان وفي محيط مناطق “مايو ـ جاكسون ـ الاستاد “وغيرها من الاسواق ، تقف على بيع ” الاقاشي ـ الكباب ـ الطعمية ـ الشيبس ـ ” ، في ذات الاماكن ينصب عدد من الباعة “طرابيز عليها كوانين ” يعملون في طهي “الكمونية ـ والفراخ” حيث تجذب الرائحة الزبائن .
تقدر دراسة اعدتها جامعة الاحفاد عدد المحلات الشعبية لبيع الاطعمة الجاهزة ” مطاعم ـ كافتريات ـ أكشاك ” داخل الاسواق وفي محيط مواقف المواصلات فقط باكثر من (10) الف ، يعمل فيها عدد يفوق الـ(23) الف عامل في الطهي وتوزيع الطلبات اغلبهم خريجو جامعات وشهادة ثانوي يعانون من تردي الاوضاع المعيشية وإتساع دائرة الفقر والعطالة فاتخذوا من هذه المحلات ملاذا يساعدهم في مجابهة الاوضاع .
وفقا للدراسة جذبت هذه الاماكن الكثير من الزبائن اصحاب الدخول المحدودة والطلاب وعمالة الاطفال و “الكماسرة ” وسائقين المركبات العامة ، ويمارس اغلبها العمل وفقا للضوابط والشروط الصحية والبعض الاخر يلتزم بالنظافة لكنه لا يملك كرت صحي من الجهات المختصة ، لم ترصد الدراسة اي حالات تسمم بسبب الاطعمة التي تباع لكنها كشفت عن مخاطر صحية جراء تلوث الغذاء المكشوف وتاثره ببيئة الاسواق وعوادم السيارات والمياه الراكدة والنفايات .
حالة تعود
هل بمقدوري الحصول على طعام بـ”200 ” جنيه ؟!، في وقت يبلغ فيه سعر اقل طلب فول ( 500) جنيه وساندويتش الطعمية (250) جنيه ، هذا ما طرحه طالب جامعي على صاحب مطعم بالشعبي امدرمان ، فلم يخطر في مخيلته ان مبلغ المائتان جنيه يكفي لسد جوعه ويتبقى منه ثمن “كباية عصير كركدي”.
لجأ مازن (18) عاما يدرس تقنية معلومات الى شراء ساندويتش ” طعمية ” بعد نفاذ ما يملكه من مال في تصوير مذكرات علمية ، فهو لم يعتاد على اكل السوق لكن هذه المرة كان مضطرا لشعوره بدوار وعدم توازن وانه بحاجة لطعام ، تردد قبل الوقوف امام قائمة الاسعار وكان في نيته الاعتذار من صاحب المطعم لعدم كفاية المبلغ قبل الطلب
“الصيحة ” سالت مازن عن صنف الطعام الذي تناوله ، فقال ان المطعم قدم له سندوتش ” اقاشي ” وهو من الاصناف التي يحب تناولها بجانب عصير ” الليمون ” ، وابدى استغرابه للاسعار المنخفضة في وقت طالت الزيادات ” الفول والطعمية ” وكل العصائر ، فمثل من تناوله يباع بسعر ( 300) جنيه داخل جامعته و(15) جنيه لكوب العصير ، فاظهر دهشته وغادر .
بائع الكباب والكمونية
يتحلق في ذات المكان اخرون حول عمر بائع”الكباب ” الذي اختار ركنا مميزا بالقرب من مدخل موقف المواصلات ، ينصب ” تربيزة فوقها كانون وصاج ” بقربه “كيس ” كبير ملئ بالخبز البلدي و”صينيه ” مليئة باللحوم التي يعمل على ” تقطيعها ” الى اجزاء صغير ، فيما ينشغل احد مساعديه بتجهيز اناء ” الشطة ” ، وينتظر الزبائن بلهفة الانتهاء من تحضير الطعام لتناوله .
توجهت “الصيحة ” بسؤال لعمر حول الاسعار ومكونات الوجبة ومصدرها ، فقال ” انه يعمل من اجل البسطاء والسعر موحد بواقع مائة جنيه للسندوتش وان الوجبة التي يقدمها تحتوي كل الفيتمينات التي يحتاجها جسم الانسان وليست هناك مزايدات واغلب الزبائن المعروفين يتحصلون على السندويتشات بالدين ” ، وحتى يحصل على اللحوم ينهض مبكرا قبل اذان الصبح ويتجه الى ” سلخانة ” امدرمان حيث يحصل على ” كرشة العجالي كاملة ” بسعر (3000) جنيه يقوم بنظافتها وفرزها ونعبيئتها في كيس ثم ياتي لتحضيرها لزبائنه
يؤكد عمر على جودة طعامه وكل الاطعمة التي تباع باسعار في متناول اليد ، واشار الى حصوله على كرت صحي يقوم بتجديده عند الأنتهاء وان ضباط الصحة المتواجدين في السوق يطوفون كل المحلات للتاكد من السلامة والجودة وعدم وجود مخالفات صحية
عصير البرتقال والبيض
انتقلت ” الصحيفة ” من بائع الكباب الى “كشك ” صغير متخصص في بيع سندوتشات “الطعمية ـ البيض ـ المخلل ـ عصير البرتقال ” باسعار متفاوتة من (50 ـ 100) جنيه للسندوتش و(30) جنيه لعبوة المخلل و(30) جنيه لكوب العصير ، حيث يتواجد عدد كبير من الزبائن “صغار وكبار ” قالوا انهم يطلقون على المطاعم والاكشاك ومحلات الباعة غير المنظمين بمحلات ” اكل ببلاش ” ، واكدو على ان الاسعار تتناسب مع دخولهم اليومية والشهرية وليست بمقدورهم شراء طلب فول تعدى سعره في المطاعم الكبيرة الـ(300)
وفي سؤال لصاحب المحل حول مصدر البيض نظرا ان اسعاره مرتفعه جدا وتبلغ (60) جنيه للحبة الواحدة افاد انه يشتري من مزارع الدواجن بسوق صابرين محلية كرري حيث يحصل على الطبق (24) حبة بسعر (720) جنيه بواقع (30) جنيه للحبة الواحدة وبرى ان اسعاره مناسبة جدا وتتماشى مع ظروف الواطنين والغلاء الذي تشهده البلاد .
بقايا لحوم
من الشعبي الخرطوم انتقلت “الصيحة ” الى سوق طرفي يقع جنوب سوق ليبيا اسمه ” سوق الاخوان ” ، حيث تنبسط وسط المكان المطاعم التي تبيع اصناف من الاطعمة منها ” الله كتلة ” ويصنع هذا الصنف من بقايا ” المصارين وقوانص الفراخ ” ، الى جانب “الدمعة ” المجهزة من بقايا لحوم العجالي
وقفت على قائمة الاسعار في احد المطاعم حيث يبلغ اقل طلب (150) واغلى طلب (200) جنيه فقط ، ويشهد المطعم زحام كبير من التجار والعاملون بالسوق والمارة واكثر الوجبات اقبالا ” دمعة القوانص ” و”الكوارع ” ، بحسب صاحب المطعم الذي اعترض في البداية على التحدث تختلف الاطعمة الشعبية باختلاف المواقع فهناك محلات “خمسة نجوم ” اسعارها نار وتحتل مساحات ومواقع مميزة في قلب الخرطوم ، واخرى بسيطة تقع في الاطراف تراعي الظروف المعيشية للمواطنين وتسعى لاكتساب الزبون .
اشار صاحب المطعم الذي فضل عدم ذكر اسمه او الاشاره الى مطعمه الى رواج تجارة “الفراخ النافق ” في الاسواق والذي يعتمد عليه اصحاب مطاعم محددين في صناعة الوجبات ، قائلا : رغم ذلك يرفعون الاسعار حيث يبلغ سعر الطلب (400) جنيه ، لكنه اكد عدم وجود اية حالات تسمم جراء تناول الوجبات ، وقدم لي في نهاية إفاته دعوة لتناول وجبة من “قوانص الدجاج ” فاعتذرت لمضي الوقت .
اماكن الكيري
في مساحة تقع جنوب الحزام تنتشر محلات بيع لحوم “الكيري ” بسوق مايو ، تشهد اقبال كبير من اصحاب المطاعم والكافتريات الذين يتسابقون على شراء اللحوم وادخالها ضمن مكونات ” الشاورما ـ الكفتة ـ الاقاشي ” وتمتاز هذه المطاعم والمحلات باراحة الزبون ، فهي تبيع باقل الاسعار فسندوتش الشاورما بـ(40) جنيه وهو ما جعلها تشهد اقبالا كبير من الزبائن بالمنطقة .
قال احد العاملين في مطعم “…” الزبون يريد ان يملأ “بطنه ” وانهم يوفرون له اشهى الماكولات والذ المشروبات باسعار مناسبة رغم انها منخفضة ، اكد ان يزداد الاقبال في المساء على ” الباسم ” راس الخروف ” وهو فقط الذي يشهد ارتفاع في السعر ويتم الحصول عليه من سوق الزبائح المعروف ” بالله كتلا ” حيث تتواجد فيه كل انواع اللحوم
إصحاح البيئة
لفت محمد سعد صاحب مطعم الى تدهور بيئة السوق متهما اصحاب بعض المطاعم بالتسبب فيها وقال انهم يتخلصون من الفضلات على الطرقات ، وداخل المجاري المحيطة بالمنطقة ، وشكا من انتشار كثيف للذباب والباعوض بسبب الزبح دون اعمال نظافة تشجع على العمل ، منتقدا ظاهرة البيع العشوائي للحوم “الكيري ” التي تبقى لفترات طويلة داخل مكب مخصص للنفايات .
واشار سعد الى تواجد اللصوص والنشالين الذين يهددون استقرار التسوق الامن ، فالسوق بحاجة الى تنظيم وتنفيذ حملات لازالة المخالفات التي صنعت بايدي وسلوك المواطنين وبائعو الاطعمة ، كما توجد اماكن تباع فيها سلع تالفة ، واردف لـ”الصيحة ” ينشط في السوق بيع وجبة أخرى تسمى “اصبر لي ” تدخل فيها العديد من المكونات ابرزها عظمة راس العجل ، ناشد بمسح كامل للاسواق محافظة على البيئة .
الكمية على حساب الجودة
يقول دكتور الريح محمود المحلل الاقتصادي ، مع كل اعلان للحكومة عن زيادة في الاسعار كانت الزيادة تطال جميع السلع من خضار ولحوم وفاكهة وينعكس الامر على قائمة اسعار الوجبات الجاهزة والمشروبات في السوق ، في ظل ذلك يسعى اغلب اصحاب المطاعم الطرفية على كسب الزبائن والربح الزائد بتقديم الكمية التي تطغى على الجودة ، وهي اسلوب تنافسي قائم على ترضية الزبون .
يضيف محمود لـ”الصيحة ” طالت الزيادات مؤخرا سندوتشات “الفول والطعمية ” وبلا شك ان ملايين المواطنين لا يستغنون عنها بالتالي يحرصون على الشراء من الاماكن التي تبيع باقل الاسعار اثناء تجوالهم في الاسواق وهي تجارة مشروعة تراعي الوضع الراهن .
فيما اكدت نوال المك خبير التغذية سلامة وفائدة “القوانص ” وغيرها من الاطعمة التي تباع في الاسواق لكنها اكدت على اهمية مراعاة البيئة والنظافة والسلامة الصحية للباعة والطهاة ، بينما قال ضابط صحة فضل حجب اسمه ان السلطات الصحية والمحلية على مستوى الولاية تقف على اصحاح بيئة المطاعم في الاسواق وتنظيم القطاع
احد المواطنين التقته الصيحة باحد تلك الاسواق حيث وصف تلك الاسعار بغير المعقولة في ظل ارتفاع الاسعار لنفس الوجبة في اماكن اخرى وتساءل قائلا سعر ساندوتش الشاورما دجاج يزيد عن ٥٠٠ جنيه وفي اماكن اخرى يصل الى الف جنيه فكيف يباع في تلك الاسواق بمائة جنيه فقط ان لم يكن مصدر الدجاج مشبوه او من قبل دجاج المزارع النافق ..
مطالبا السلطات بتكثيف الرقابة ليس على الاسواق وحدها بل على المزارع الكبيرة التي تنتج الفراخ ومعرفة الاماكن التي يتم التخلص فيها من الفراخ النافخ ..