مجدي عثمان يكتب : مضى اكثر من نصف الزمن

مضى اكثر من نصف الزمن
البلاد على مفترق طرق… فهل تتداركها الحكومة الجديدة؟
تعيش البلاد أوضاعًا بالغة التعقيد، تتطلب جهدًا وطنيًا جبارًا لانتشالها من المصيدة التي نُصبت بإحكام للسيطرة على مواردها، عبر مخطط يتكامل فيه العمل بين واجهات شبه عسكرية وأخرى مدنية. هذا المخطط وُضع بإتقان، ولولا عناية الله ولطفه، وصمود الشعب وتضحيات الشهداء في القيادة العامة، لكانت البلاد في مهب الريح.
لقد وقف الشعب إلى جانب قواته المسلحة، ودافع عن قائده، رئيس مجلس السيادة، وعضده من الوطنيين في قيادات الحركات المسلحة، وعلى رأسهم الدكتور جبريل إبراهيم، ومني أركو مناوي، ورفاقهم، الذين أداروا المعركة بمسؤولية وطنية، واستعادوا زمام الدولة في ظرف دقيق، محافظين على شكل الدولة ومؤسساتها، رغم التحديات.
ورغم تموضعهم الظاهري في الحياد، إلا أنهم كانوا ظهيرًا حقيقيًا للجيش، مدعومين بالمواقف البطولية لحركة العدل والمساواة التي شاركت بقواتها في ميادين القتال، متقدمة الصفوف في الدفاع والإسناد الشعبي، لتثبت أن هؤلاء القادة هم من يستحقون شرف القيادة، وقد مهروا تراب الوطن بدمائهم الطاهرة دون أن يبدلوا أو يتراجعوا.
السيد رئيس الوزراء، وأنتم على رأس الجهاز التنفيذي، أمامكم مسؤولية عظيمة، فالوضع لا يحتمل التأخير ولا التجريب. الحرب دمرت الموارد، ومع ذلك، قاد الدكتور جبريل إبراهيم دفة الاقتصاد في ظل غياب الإيرادات، محافظًا على استقرار سعر الصرف، وساعيًا نحو إصلاحات اقتصادية ومصرفية مواكبة للتطورات المالية العالمية.
إن تأخير إعلان الحكومة لا يخدم الاستقرار، بل يفتح المجال للتقاطعات والضغوطات التي تُهدد فرص النجاح، وقد مضى أكثر من نصف الوقت دون إعلان التشكيل، بينما الشعب ينتظر، والعالم منشغل بأزماته وحروبه التي توسعت رقعتها، حتى بات الشرق الأوسط نفسه مهددًا بسبب الحرب الإيرانية الإسرائيلية، ما يهدد الأمن والسلم الدوليين وينعكس سلبًا على الاقتصاد العالمي، ونحن في قلب هذا المشهد المضطرب.
في ظل هذه التحديات، لا بد من تدابير اقتصادية عاجلة، وخطة متكاملة لإعادة الخدمات إلى المناطق المحررة، وعلى رأسها العاصمة القومية التي تحتاج إلى عودة الحياة، خاصة مع اقتراب موسم الخريف الذي تُنبئ التوقعات بأنه سيكون غير مسبوق من حيث كميات الأمطار. وحتى الآن، لم تُتخذ أي احتياطات تُذكر لمجابهة الكوارث السنوية المتكررة.
هنا تبرز أهمية دعم المنظمات الوطنية، وعلى رأسها الهلال الأحمر السوداني، الذي أدّى دورًا مهمًا في تخفيف آثار الحرب على النازحين والمشردين، رغم ضيق الإمكانات. لكن الاعتماد على منظمات أجنبية تحمل أجندات خفية ليس خيارًا آمنًا.
ختامًا، لا يمكن فصل الحل السياسي عن الجهد العسكري والدبلوماسي. ينبغي العمل على معالجة العقوبات الدولية المفروضة على السودان، ورفع الحصار عن المدن المتضررة، خاصة مدينة الفاشر، وضمان انسحاب المليشيات من جميع المنشآت المدنية، والتعامل الجاد مع إفرازات الحرب.
الوقت لا ينتظر، والقلق يتسرّب… والعالم مشغول بأزماته.