حين راهن الجميع على الفشل… هذا الرجل كتب قصة النجاح”

حين راهن الجميع على الفشل… هذا الرجل كتب قصة النجاح”
بقلم: محيي الدين شجر
لم يتوقف هاتفي عن الرنين؛ مكالمات متتابعة من زملاء وأصدقاء ومعارف من مختلف المؤسسات، جميعها تدور حول سؤالي عن موقفي، وكأنني “جافيتُ الحقيقة”، فقط لأنني قلت—بضمير شاهد من داخل الحدث—إن موسم حج هذا العام كان استثنائياً بكل المقاييس: في الإطعام، في السكن، في النقل، في الانسياب والتنظيم، وكان أقرب ما يكون إلى ما يُعرف بالحج السياحي.
ما أثار حزني، أن كثيراً ممن لهم منصات مؤثرة خاضوا مع الخائضين في النقد دون تثبّت، ونسجوا روايات سوداء لمجرد أن هناك موجة، فآثروا ركوبها! لا بحسن نية، بل لأن ذلك “الترند” يناسب أهواءهم، ويمثل رؤيتهم المسبقة التي لا تريد أن ترى إلا السواد، وإن غمرها النور.
أحد الأصدقاء قال لي: “دفاعك عن بعثة الحج يخصم من رصيدك!”
فأجبته: “وهل في قول الحقيقة ما يخصم؟ وهل المصداقية صارت خصماً؟! أم أن الركض وراء الفضائح بلا سند بات وحده ما يُكسب؟!”
في السودان، باتت صناعة “الترند” لا تخرج عن ثلاثة ألوان: مقطع لراقصة، أو فضيحة فساد، أو إشاعة مغلّفة. فالقبيح ينتشر، والجميل يُكتم، وكأن الحقيقة لم تعد تثير أحداً!
لكن بعد أن هدأ غبار المزايدات، بدأ الناس يراجعون أنفسهم. كثيرون اعتذروا ضمناً حين اتضحت الحقائق، وظهر زيف الإشاعات. نعم، لا يوجد عمل بشري بلا هنّات، ولكن الفرق كبير بين خطأ عابر وتجَنٍّ ظالم.
وما أقسى أن يُظلم رجال قدموا الغالي والنفيس من أجل أن يُتاح للسودانيين حج كريم، في وقت كانت فيه معظم مدن البلاد تحت رحمة المليشيات، وساحات المعارك.
هذا النجاح لم يكن محض صدفة، بل نتاج قرار شجاع ومبادر اتخذه الأمين العام للمجلس الأعلى للحج والعمرة، الأستاذ سامي الرشيد، حين دفع بشيك ضمان ضخم لإنقاذ الموسم في ساعاته الحرجة. قرار لم يكن ليستند إلا على يقين وثقة في قدرة البعثة، في وقت ظن فيه المتشائمون أن الحديث عن موسم حج سوداني مجرد “أضغاث أحلام”.
جهود تضافرت، وخطة محكمة انطلقت من المركز وامتدت إلى الولايات، واحتضان دبلوماسي كامل من قنصلية السودان بجدة لكل الإجراءات—جعلت المستحيل واقعاً، وحوّلت الصعب إلى يسير. ثم يأتي من يتهم كل ذلك بناءً على صورة لصحن طعام التُقطت عام 2015!
الختام، لكل من ركب موجة التشويه أو ساير “الضجيج الإلكتروني”، أقول:
أنا لا أكتب لأُرضي جمهوراً، ولا لأصنع “ترنداً”، بل لأقول الحقيقة كما رأيتها وعايشتها.
فموتوا بغيظكم إن شئتم… فقد كان هذا موسم حج استثنائيًا ناجحًا بكل تفاصيله، ناجحًا جداً جداً.