محيي الدين شجر يكتب : د. هيثم محمد إبراهيم: واجه الحرب بالدواء والخدمة

محيي الدين شجر يكتب : د. هيثم محمد إبراهيم: واجه الحرب بالدواء والخدمة
في خضم واحدة من أعقد الأزمات التي شهدها السودان في تاريخه الحديث، برز د. هيثم محمد إبراهيم، وزير الصحة الاتحادي، كأحد القيادات التنفيذية التي لم تستسلم لعواصف الحرب، بل واجهت الانهيار الشامل في النظام الصحي بجهود استثنائية وإرادة صلبة، جعلت منه رمزًا للعمل الوطني في أصعب الظروف.
استعادة الخدمات الصحية وسط الركام
منذ اندلاع الحرب التي دمرت البنية التحتية لكثير من المرافق الحيوية في العاصمة الخرطوم، وعلى رأسها المستشفيات والمؤسسات الصحية، سعى د. هيثم إلى إعادة انسياب الخدمات الصحية بشكل عاجل. عمل بتخطيط محكم على تحويل مراكز الخدمة إلى الولايات الآمنة، وتوزيع الكوادر الطبية، وتفعيل المستشفيات المرجعية في الشرق والغرب، لتأمين تقديم الرعاية الصحية للسكان والنازحين.
تدفق الدواء رغم الحصار
مع الانهيار شبه الكامل لسلاسل الإمداد الدوائي، ووسط ظروف بالغة التعقيد، تمكن الوزير من تأمين تدفق الأدوية المنقذة للحياة، خاصة في مجالات الطوارئ، والأمراض المزمنة، والصحة الإنجابية. بجهوده الحثيثة، تم فتح قنوات إمداد من المنظمات الدولية والإقليمية، وضمان توزيع عادل على المستشفيات والمراكز الصحية في الولايات.
جذب الدعم الدولي: دبلوماسية صحية ناجحة
لم يكتفِ د. هيثم بالإدارة الداخلية للأزمة، بل تحرك خارجيًا لتفعيل الشراكات مع المنظمات الأممية والدولية، مثل منظمة الصحة العالمية، واليونيسيف، وصندوق الأمم المتحدة للسكان، وغيرها. وقد أثمرت هذه الجهود في جذب دعم كبير على شكل أدوية، معدات، لقاحات، ودعم لوجستي، أسهم في تقوية النظام الصحي المنهك.
إدخال لقاح الملاريا: خطوة تاريخية للصحة الوقائية
من أبرز إنجازات الوزير إدخال لقاح الملاريا إلى السودان لأول مرة، في خطوة غير مسبوقة تؤكد على الاهتمام بالجانب الوقائي للصحة العامة. وقد شكّل هذا الحدث إنجازًا علميًا وعمليًا مهمًا، في ظل ارتفاع نسب الإصابة بالملاريا، خاصة في مناطق النزوح والولايات ذات البيئة الوبائية.
إعمار القطاع الصحي في البحر الأحمر ومناطق أخرى
على المستوى المحلي، عمل د. هيثم على إعادة تأهيل عدد من المستشفيات في ولاية البحر الأحمر، لتصبح مراكز قادرة على تقديم الخدمات المتقدمة. شملت هذه المشاريع ترميم البنية التحتية، توفير المعدات، وتدريب الكوادر، ما أعاد الأمل لسكان الولاية في الحصول على رعاية صحية مناسبة.
أدوار أخرى: التخطيط الاستراتيجي وحوكمة الأزمة
كان للوزير دور بارز في إدارة الأزمات الصحية التي رافقت الحرب، من تفشي الكوليرا، ونقص الأدوية، إلى الأزمات النفسية والاجتماعية المرتبطة بالنزوح الجماعي. قاد حملات التوعية المجتمعية، وأنشأ غرف طوارئ متقدمة، وأشرف على الخطط الصحية الوطنية البديلة، التي اعتمدت على المرونة والتكيف مع المتغيرات السريعة.
خاتمة
في وقت كانت فيه الدولة تتفكك تحت ضربات الحرب، وقف د. هيثم محمد إبراهيم على رأس وزارة الصحة كجدار صامد، عمل بلا كلل للحفاظ على شريان الحياة للمواطن السوداني. لم تكن إنجازاته مجرد قرارات مكتبية، بل كانت نضالاً ميدانياً، يحمل في طياته درسًا في القيادة الإنسانية وقت المحن.