*حفريات( ام ضريوة) وضراوة الحرب*

حتي لا يتوه القارئ ويتجه الناس (الاعمي شايل المكسر) نحو القرية الصغيرة الواقعة شمال الخرطوم اعتقاداً منهم انها حفريات ذهب وتعدين اهلي او حفريات اثار او غيرها ففي هذا البلاد تنطلق الشائعات بصورة عجيبة لكن حفرياتي في( ام ضريوة) حفريات من نوع اخر تُستشف من بين سطور المقال و حواشيه…
ذاع صيت ( ام ضريوة) ايام الصلف الكيزاني والهوس الديني عندما تم ضرب مصنع الشفاء فحشد داعمي النظام وقتها حشداً جماهيرياً كبيراً مندداً بالقصف الامريكي للمصنع وهاتفاً (بالموت لامريكا) في ايام (امريكا روسيا قد دنا عذابها ) و ظهر في ذلك الحشد الكبير لافتة كبيرة مكتوب عليها :-
*( ام ضريوة تهدد امريكا للمرة الاخيرة)*
وقد ركزت عليها الكاميرات الناقلة للحشد الجماهيري ومخرجه للتلفزيون مما جعل اللافتة و(ام ضريوة) لوقت طويل مصدر للسخرية والتهكم ويبدو لي والله اعلم ان الامريكان الي هذه اللحظة لم ينتبهوا لذلك التهديد ليحذروه فهم (غفلانين) ام يتغافلون …لا ادري …لكني اعلم جيداً و بلا ادني شك ان اللافتة كانت صناعة جماعة (الاخوان) تمثل نفختهم الكاذبة المضحكة التحية والتقدير والاحترام والاعتذار لكل اهل( ام ضريوة) الاكارم وكل الشعب السوداني المغلوب علي امره لاربعة عقود مضت. لكنها قطعاً الي نهاية…
تذكرت لافتة (ام ضريوة) و انا اسمع للتصريحات الهوجاء التي تصدر هذه الايام ويتشدق بها البعض و يملأون بها الميديا رغم انهم مكشوفون( بلا ضروة) او حتي مجرد (ضريوة) وهي تصغير (ضروة) ولايملكون عقول تجعلهم يفكرون قبل ان تنطق السنتهم (بالكلام الاعوج) غير معلوم العواقب (اللا مدسدس ولا مغطي) يحمل ذات الافتراء و(الكٍدِددب) و الله (كِدِددب) و البعيد عن فنون الادارة العامة ناهيك عن فن ادارة الازمات والدبلوماسية في ادارة العلاقات الخارجية وبرتكولاتها و ازماتها المتكررة في الحالة السودانية (مرة مع دول و مرة دول) وهكذا دواليك ..
دعونا اولاً نتعرف علي (الضروة) و(الضريوة) والتي احسب ان الكثيرون من جيل اليوم تغيب عنهم رغم انها ذات اصل عربي فصيح
و (الضَّرَاءُ) تعتبر في اللغة العربية من مفردات التضاد التي تحمل المعني وضده فقد وجدتها بمعجم (المعاني الجامع )و لها المعنيين المتضادين التاليين:-
*الضَّرَاءُ : البَرَازُ والفَضاء* او كما نقول نحن بالسودان (صقيعة) او(سهلة)..والمعني المضاد هو:-
*الضَّرَاءُ: ما وارَى وسَتَرَ من شجر وغيرهِ* و عندنا في الدارجيى حوش او (صريف) ساتر او اي (ضروة) تحجب النظر و غيره…
واهلنا عندما يشتد عود الشاب و يعمل و يكسب و يصير للزواج يقولون له اعملك (ضروة) اي مكان يمارس فيه حياته الخاصة علي الرغم من ضألة وفقر امر الخصوصية في بلادنا
فالكلمة اصلها عربي (الضراء) وننطقها بذات النطق مع قصور ألم تقل احدي القونات في هبوط خشن:-
*بالضراء بالضراء ان شاء الله راجل مرة*
تعني خفية دون ان يعرف احد ..سبحان الله هذا الهبوط بعد ان كان الضراء في معانيه المجازية الراقية
حين غني وردي لمحجوب شريف :-
*يا صبية الريح وراي* *خلي من حضنك (ضراي)*
و الضراء هنا تحمل معاني الستر والملجأ والملاذ…
تخيلوا درجات الهبوط المريع
و في بلادنا ( المضاري كتيير) سبق أن عبر عنه قائد مليشيا الدعم السريع ونائب رئيس مجلس السيادة السابق والمتمرد الان محمد حمدان دقلو بعبارته المشهورة ( زمن الغتغتة و الدسديس انتهي) بما يعني ان (المضاري) عنّا كان مكشوفاً له وبذلك هو شريكاً في (الغتغتة) وصار يهدد بكشفها للعامة من (الغلابة)
و(الضراء) تختلف حسب الإمكانيات فقد تكون راكوبة او قد تكون (سماك سابع دور) او (حصون وقصور) وربما (سور داخل سور ) وهذا يقودنا الي اقوال منسوبة للشيخ العبيد ود بدر:-
*(ﺍﻟﻘﺎﺩﺭ ﻣﺎ ﺗﻘﺎﺩﺭﻭ ، والعوير ما تهاظرو ، ﻭﻣﺎ ﺗﺸﻬﺪ بي ﺍﻟﻤﺎﻙ ﺣﺎﺿﺮﻭ)*
وقول اخر
*(ﺍﻟﻌﻨﺪﻭ ﺣﺒﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺮﺋﺎﺳﺔ ، ﻣﺎ ﺗﻜﻤﻞ ﻣﻌﺎﻫﻮ ﺍﻟﻔﺮﺍﺳﺔ)*
*(ﺍﻟﺴﻜﻴﻦ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﻠﺐ ، ﻭﺍﻟﻌﺼﺎﺓ ﻣﻦ ﺍﻟﻜﻠﺐ ، ﻭﻓﻜﺔ ﺍﻟﺮﻳﻖ ﻣﺴﻤﺎﺭ ﺍﻟﻘﻠﺐ ، ﻭمابي ﺍﻟﺠﻮﺩﻳﺔ ﻻﺑﺪ ينغلب.)*
ركزوا علي الاخيرة هذه و اخبرونا كم من (جودية) دولية قامت لإنهاء الحرب واجهها تعنت كبير و ايادي خفية بدأت تعلن عن نفسها جهارا نهاراً
اقول بها من الحكمة ما بها فوزعوها علي من تشاؤون من المتحاربين فبعضها يحتاجه بعضهم فهم (يقادرون قادر) وما تلاها..
مماسبق يتضح ان ( ام ضريوة) معناها (ضروتها) صغيرونة علي قدرها و(الضروة) هي ما (يضاري) ويغطي ويحجب النظر و غيره…
معناها انك عندما تكون (ضروتك) علي قدرك (حقو ما تتقادر) و تتضاري عديييل كدا …
وعن الضروة والضراوة في الضرابة و الحرابة نحدثكم لاحقاً ان شاء الله ….
سلام
محمد طلب