عبد القادر باكاش يكتب : ادركوا الموانئ

الجديد شنو
عبدالقادر باكاش
abdalgaderbakash@gmail.com
أدركوا الموانئ
أشعلت قرارات ديوان شئون الخدمة حول تبعية إدارات الحسابات والمراجعة وشئون العاملين والإدارات القانونية داخل هيئة هيئة الموانئ البحرية للديوان شرارة الاحتجاجات ، نظم عدد من العاملين وقفة احتجاجية الاحد الماضي واصفين قرارات الديوان بأنه تدخل من وزار المالية في شؤون الموانئ الامر الذي دفع السيد وزير المالية د جبريل ابراهيم لتوضيح موقفهم القانوني وتجديد تأكيد سلطة وزارة المالية على الموانئ كمؤسسة قومية وتمسكه بضرورة تنفيذ قرارات الديوان فيما أوضح وزير العمل والاصلاح الاداري احمد علي عبدالرحمن ان القرار صادر من مجلس الوزراء لكل الوحدات القومية ولا يخص الموانئ وحدها ، أياً كانت دفوعاته القانونية ووجاهة المنطق في تبعية الادارات ذات المهام الرقابية في الموانئ لجهاتها الفنية فأن توقيت القرار جانبه الصواب في تقديري ، البلاد تعيش في ظروف الحرب فلا ينبغي محاولة نكأ جراح قديمة او اصلاح اعوجاجات هيكلية سواءاً كان في الموانئ او غيرها تجنباً لخوض معارك جانبية ، اتمني ان يتحلى الاخوة في وزاراتي المالية والعمل بالحكمة المأمولة في تأجيل انفاذ قراراتهم لوقت لاحق فالبلاد لا تحتمل تأجيج صراعات اخرى في المرافق الحيوية المتبقية بعد انهيار القطاعين الاقتصادي والصناعي بسبب الحرب
رغم ان هيئة الموانئ البحرية من المؤسسات العريقة بالبلاد لكنها لم تجد الفرصة الكافية للتطوير لاسباب عدة منها اسباب داخلية مثل الترهل والضعف في الضبط المالي و الاداري علاوةً على مشكلات استثنائية تخص هيئة الموانئ البحرية السودانية دون غيرها من المؤسسات وهي مشكلة تقدم سطوة العمال على سلطة الادارة في التخطيط السليم ، فقد ظلت اصوات الناشطين أعلي من اصوات الخبراء والاداريين وهو امر ينطوي علي خطورة كبيرة باهتزاز سلطة الدولة علي المرفق ، وأخرى خارجية منها معاناتها من انيميا السياسات الهيكلية القومية وتغلب السياسات الاقتصادية للحكومة المركزية لغياب الرؤية الشاملة هي اسباب أقعدت الموانئ عن التطور تحتاج الحكومة في رأيي اتباع استراتيجية متعددة المسارات في القضاء علي الاشكالات الداخلية وفي الانفتاح علي متطلبات سوق التجارة البحرية ففيما تتقهقر الموانئ السودانية تشهد موانئ العالم والاقليم سباقات محمومة في تطوير موانئها بابرام الاتفاقيات والشراكات والصفقات واستقطاب القروض وكافة صيغ التمويل المتنوعة في سبيل الحصول علي حصص اكبر في سوق التجارة البحرية ، والحال كذلك فلا بد ان يبحث ويتطلع السودان لشراكات مربحة في ادارة وتشغيل الموانئ البحرية وذلك بتعزيز علاقاته التجارية والاستثمارية مع الشركات العالمية ، ولطالما تعاظمت تحفظات السودانيين علي عروض الشركات الاماراتية في الاستثمارات المينائية فليكن الخيار الأفضل هو الاتجاه نحو الصين التي تميزت بعلاقات اقتصادية كبيرة مع كل دول افريقيا ، معلوم ان الصين تشارك حالياً في 62 محطة بحرية في 30 دولة افريقية من إجمالي ما يقدر بـ 231 ميناء تجاريًا في أفريقيا، مما يعني وجودها في أكثر من 25% من الموانئ البحرية الافريقية وللسودان تجربة ناجحة مع شركة ( China Harbor Engineering Corporation (CHEC) ) في تشييد عدد من الموانئ المتخصصة أخرها ميناء صادر الثروة الحيوانية في هيدوب جنوب سواكن ويمكن تطوير العلاقة بالمشاركة معها في ادارة وتشغيل الموانئ الحالية وبمنحها حقا الامتياز في انشاء موانئ تجارية جديدة علي الساحل السوداني وفق اشتراطات مُحكّمة ، سيما وأن الظروف الامنية في الملاحة البحرية بعد التهديدات الحوثية على باب المندب ستدفع كثير من الدول الكبرى والشركات المالكة للاساطيل التجارية في الفترة المقبلة لتغيير سياساتها الأمنية والاقتصادية في التعامل مع حركة التجارة في موانئ حوض البحر الاحمر ومن المؤكد ان هذه السياسات ستؤثر علي اداء موانئ السودان مما يحتم عليه التفكير بشكل عاجل في تلافي اثارها