سوداني يرثي شقيقه بمكنون الكلم / غبت عن مكان، فيه تفريج همومي، و ثقل علي المشوار

يشهد لك صريمان لرمضان بالقاهرة
أنك كنت إمام المتهجدين

بسم الله الرحمن الرحيم
و لنبلونكم بشيء من الخوف و الجوع و نقص من الأموال والأنفس و الثمرات و بشر الصابرين. الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله و إنا إليه راجعون. أولئك عليهم صلوات من ربهم و رحمة و أولئك هم المهتدون.
في حياة المرء، حوادث، عابرة، لا يُلتفت إليها، كأنها سقط من متاع، و لكن في كل ٍ عبر، و ليس في ناموس الكون صدف.
غبت عن مكان، فيه تفريج همومي، و ثقل علي المشوار، لكن يوما ً مقدورا ً حفزني للذهاب و الرجوع بشاحن الجوال( المهند) .
و تسألني الحاجة، حفظها الله،
أسامة أخبارو شنو؟
و لي، دبر كل صلاة، دعاء راتب محفوظ، أُوعز لي يوما ً أن أعدله، فعدلته:
اللهم أشف أسامة، و سائر آخوتي.
عصر السبت،(شحنت جوالي)، الذي لم يكن يقبل، فدبت فيه الحياة، فشكرت أسامة و دعوت لأسامة،.
و أستعنت بحاسوب لجاري، أستمع لدعاء الوالدة، رضي الله عنها و رحمها بالجنة، تدعو لنا و( تنده)’ لأولادها و أولاد المسلمين،.
و (مسكتني عبرة)، و أنا جبلت لا أعرف البكاء، و هذا أمر بالغ الخطورة.
و رنّت نغمة الجوال، و كان الهاتف مصريا، فقلت:
و عليكم السلام ورحمة الله تعالى وبركاته، أخي أسامة.
قال:
أنا ما أسامة، أسامة إتوفى هسّ، هل ندفن؟
إنا لله وإنا إليه راجعون.

حين أمر الخبراء السوفييت، بإختبار صواريخهم بالدفاع الجوي ببورتسودان، رفضوا، فانبرى أسامة و ستة من زملائه لصيانتها و تفجيرها، معرضين حيواتهم للموت، في مكان إختبأ فيه الروس و قادة الدولة تحت الأرض.
و كان جزاءأسامة، أن يسير في الارض، و يضرب في الشلاتين، باحثا ً عن رزق الله، و هو الزاهد القنوع.
الشلاتين التي، عملت فيها، و رفقة أحباب، كانت بقعة طيبة، قضينا فيها سنيناً ما نزال نحكيها.
الشلاتين هدّت حيلك و صحتك، و أضعفتك، و حرمتك و حرمتنا وصالك، بسدودها و بواباتها و عسسها، و سياسة ساسة بؤساء، في عافيتك، و حين مرضك و حين وفاتك، و الحمد لله رب العالمين.
يدرك المسلم انه ليس مخلوقاً هملاً و لا متروكاً سدى، و أن للكون ربا ًيصرف أحواله، و يقضي فيه بما يريد، و يجعل للحياة غاية تصل إليها، و مقادير تحيط بها،(ما أصاب من مصيبة فبإذن الله).
و الموت كما يقول أخي و أستاذي ( شجر) ، يهصر الضلوع، و يبعث ألما ً في الصدر لا تعرف له وصفا ً، وأحزان الدنيا، كما قال، قاسية، بلا حدود.
لكن الصبر نعمة كبرى، و للصابرين بشارات عظيمة.
و إن زمانا ً، يحرم فيه على المرء دفن أمواته و لقاء الأحباب للعزاء فيهم. لزمان بئيس.
غفرنا يا أسامة، لمن سرق جوالك، فاعف عنه.
و سألنا إن كان لك دين عندهم، فبشرنا أصحابك، أنك عفيف اليد و اللسان، و لا تتكفف الناس.
و كنت قررت، بعد موتك، الغياب عن قروبات الواتس و الفيس بوك، لكن المعزين، أقاموا فيها سرادق العزاء.
يا أسامة، لم نشبع منك….
أمض لربك راضياً مرضيا.
يشهد لك صريمان بالقاهرة، متعاقبان طيلة رمضان، أنك كنت إماما ً للمتهجدين.
سلم على معاذ الرضيع
و محمد الشهيد
و أبيك الفقير الفقيه
و أمك التي رأت الجنة فابتسمت و هي تُقبض و تَقبض.

الشكر للأحباب بالثورة و طردونا، و المعزين في قروب المعادن و مدينة مروي الطبية و الفيس بوك، و المعزين من السعودية و أمريكا و أستراليا، و مدني و كلحية و الحجير و كافوتة و القاهرة و الشلاتين و( الخرطوم. العاصمة).
نسأل الله ألا يريهم مكروها في عزيز لديهم.
العزاء للاخوان يوسف و عبدالرحمن و طارق. حفظهم الله.