جلدا مو جلدك جر فيهو الشوك

*جلدا مو جلدك جر فيهو الشوك*

هذه الايام اجد نفسي تسوقني عناوين مقالاتي نحو الامثال الشعبية القبيحة التي تربينا عليها وهي تطرق علي سمعنا بقوة مع كل الممارسات القبيحة جداً التي مارسناه وما زلنا نمارسها حتي اودت بنا للمهالك

لا ادري كيف تمكن مثل هذا القول وغيره من الاقوال (العواليق) من عقولنا وسيطرت علي سلوكنا… انه عين التخلف الذي نعيش نتائجه الان واسوأ درجات المثل التي كنا نبرر بها افعالنا تجاه الاخرين اضحينا نعاني منها الان فالمواطن (الغلبان الان والسجمان قبل ذلك) عفواً عزيزي القارئ اذ لابد من الاعتراف بذلك فنحن ( سجمانين ورمدانين) اصبحنا الان (غلبانين) و امرنا لا يهم طرفي الحرب والصراع الدائر الان فهو ليس (جلدهما)اي (جلد المواطن) … لا ادري سر ارتباط كتاباتي الاخيرة( بالجلود) ابتداءً من كريت و(جلدها) ربما مردها ما (حك جلدك مثل ظفرك) ….

الامثال الشعبية غالباً ما نستدعيها لتبرير سلوك معين حتي وان كان قبيحاً فهي تضفي عليه نوعا من القبول (غير المقبول) عقلا ولا ديناً ولا اخلاقاً… الطلاب في المدارس بنهاية العام الدراسي يقومون بافعال اقل ما توصف به انها اجرامية حيث يحطمون كل ما يقع علي ايديهم بداية يتمزيق الكتب وصولاً لتحطيم الكنب ويمارسون طول اجازتهم اعمال التخريب لمدرستهم لتبدأ رحلة تعمير جديدة لعام قادم دون اكتراث او وقوف علي ما احدثوه ب(جِلد) المدرسة حتي اللحم الحي يا تري هل كان ذلك نتيجة (جَلد) المدرسين ووو وكل الممارسات المغلوطة وهكذا تستمر معنا حكاية (جلداً مو جلدك جر فيهو الشوك) وتنمو معنا الانانية المفرطة وكراهية الاخر و البغض الحسد وتدخل معنا الجامعات ويتم توظيفها في دواوين الحكومة التي لايهمنا الا راتبها ومصالح (جلدنا) وربما تصل درجة الوزير او الرئيس. ويعمل بذات نهج (جلدا مو جلدك) وهمه المصلحة الذاتية في المقام ثم مصالح (الجلود) الاقرب حسب لون البشرة و(شلوخها) وشروخها الذاتيةَ

الغريب في الامر ربما تجد في الموروث الشعبي المثل ونقيضه ويستخدمها ذات الفرد والمجتمع لتبرير الاخطاء القاتلة.. ..

اننا في محاولات صناعة التغيير غالباً لا نستصحب السوء الذي بنا ونحاول معالجته اولاً وحسبك التخريب الكبير الذي صحب ثورة ديسمبر.. وقبلها التغيير المظهري الذي صاحب ما يعرف بقوانين الشريعة الذي صاحبه دلق الخمور علي النهر العظيم ومن ثم ازدهرت صناعة الخمور البلدية و(العرقي النضيف) ولقت اسواقاً رائجة الي يومنا هذا واصبحنا اسوأ بكثير مما كنا عليه زمن (البارات) و(اللطافة والناس القيافة) واذكر انهم منعوا في ذلك العهد بث الاغاني والاشعار في الاذاعة التلفزيون واعدموا التسجيلات التي وردت بها مفردات خمر او كاس او ما ارتبط بها دون النظر لجملة المعني والمراد حتي وان كان (وداعاً يا كأس الحرام المر) مثلما تغني شاعرنا الجاغريو عند توبته وعزوفه عن الخمر قبل قوانين الشريعة بعقود… او جمال المعني في اغنية الكابلي (وبي سُكر تملكني اعجب كيف بي سكر) فضاعت من الاذاعة وسجلاتها كثير من الجماليات الي ان وصلها (الدعم السريع) وقضي علي اخضرها واليابس وهو مخمور و مسطول … انه عدم التعمق وقلة الادراك و التمظهر الخارجي فالخمر والكأس مفردات واردة حتي بالقرأن الكريم…. وهي مفردات لغوية ومواعين للمعاني المرادة.. ومن اين عرفت ان الخمر حرام لو لا وجود المفردة بالكتاب المبين؟؟

المثل بالعنوان اعلاه مشبع بالانانية وحب الذات بل الدعوة لتخريب كل ماهو ليس ملكاً شخصياً لك وكان لذلك اثر كبير في سلوك الناس وحياتها خصوصا فيما يخص موارد الدولة وبنيتها التحتية بل حتي البيوت والاحياء فتجدنا نهتم بما هو داخل حدود البيت ونضع اوساخ ذات البيت دون ادني اهتمام بالشارع فيتوالد الباعوض ويكثر الذباب وتتبعه الامراض وحتي تلك البيوت لم تسلم من (الدعم السريع) فقد اخرجنا منها قسرا وتم نهب كل مانملك وايضاً تم ارشادهم ب (جلداً مو جلدك) وتم جرنا بشوكنا… ربما هو جزاء ما جنته ايدينا… لا ادري…

و عاصمتنا التي تم اجتياحها نفسها تكاد تكون من اوسخ واقذر العواصم في العالم ونغني كذباً و نرقص طرباً ونردد مع المرحوم سيد خليفة

(يا الخرطوم يا العندى جمالك ..جنة رضوان
طول عمرى ما شفت مثالك
فى اى مكان)

والحقيقة المرة والقاسية اننا لم نري اوسخ منها اطلاقاً (هذا طبعاً لمن شاءت له الظروف ان يري سواها) واقعاً او علي الفضاء فالعالم اصبح قرية الان
وختاماً اتمني ان نحترم حقوق الاخرين ونزيح الاذي عن الطريق ونصالح انفسنا اولاً ونتصالح مع الاخر والوطن وتبسمك في وجه اخيك صدقة.. ليتنا ننظر لدروس هذه الحرب بعمق و وعي وادراك كبيييير

سلام
محمد طلب
اسمرة ١٧ نوفمبر