(السالف) في الزمن التالف والبلد الراجف

*(السالف) في الزمن التالف والبلد الراجف*
ربما لا يعجب عنواني هذا و ما سوف اورده تحته في هذا المقال الكثير من الناس علي الاخص من يعجبون بالتغني ب (نحن ونحن) و دوبيت (الانا) والموروث البغيض وغض النظر عن كل قبيح وخلق مبررات واهية له لا تمت للدين والاخلاق بصلة اطلاقاً
وعندما تتحدث المفاوضات عن بناء الثقة بين طرفي التفاوض ربما لا تدري ان الشعب احوج لبناء هذه الثقة بينه وبين ذات الاطراف اذ بعد ان شرده وسرق ممتكلاته طرف ياتي الطرف الاخر ليطرده من المدارس التي اتخذها مراكز ايواء (كما تتداول الميديا) فهم لايدرون اننا امة تثق جداً في (السالف) وشيوخ (الحرامية) اكثر من ثقتها في القوة النظامية و دولتها غير المعلومة……
والسالف ممارسة قبيحة ومعروفة في السودان لا علم لي بمصدر المفردة ومرامي المعني اتركه لاهل المعرفة لكنه سلوك وعادة متبعة عندما تُسرق البهائم في ليل بهيم تجد النصائح تنهال عليك للتواصل مع( شيوخ الحرامية) و قادة (دويلات) النهب والسلب و شبكاتها داخل( اللا دولة) وحتي افراد الجهات النظامية ينصحونك سراً بهذا الامر بل يدلونك الي (حكام) تلك (الدويلات) وشيوخها فهم يعرفونهم جيداً ويقولون لك ان البهائم سوف تعود لك بسرعة مقابل دفع (السالف)… انها ممارسات المجتمع الرعوي التي نتج عنها ما نراه الان في (حرب الغباء) وعمليات النهب والسلب المسلح و (المصلح) ثم طلب (السالف) و الشئ الوحيد الذي تغير هو ان (السالف) مقابل سيارات الان وليس البهائم من جمال وابقار وغيرها من الماشية… فالسيارات ايضا (ماشية سريعة جداً ) وفارهة جداً (بلا بعر) و الريموت كنترول يفتح لها (زرائبها) سبحان الله تتغير كل الاشياء المادية والفيزيائية حولنا عدا الفعل القبيح و(سوالفه) يظل ملتصقاً بسلوكنا لا يتغير اطلاقاً حتي ادركتنا هذه المهالك فهل نتعظ هل؟؟؟؟
لابد ان نقر جميعاً ونعترف باننا السبب في كل ما يحدث لنا ألسنا من تفاخر (بالهمبتة) وخلق لها اشعاراً وادباً وابطالاً وسحراً جعلها تعجبنا ونردد حكاياتها بنشوة وابتسامات بلهاء… أ لسنا من يدفع (السالف) للصوص ونقر هذا الفعل فها نحن الان نهرع لدفع الفدية لسياراتنا الفارهة يحدونا المثل القبيح (المال تلتو ولا كتلتو) يا لقبحنا وقبح افعالنا وسوء الحكام و(شيوخ الحرامية)
لدي اعتقاد جازم ان كل ما يحدث الان في بلادي خلال هذه الحرب والتي اسميها (حرب الغباء) ماهو الا نتاج وخلاصة للموروث المريض فكل الممارسات التي نراها الان في القتال وما يتبعه من تهليل وتكبير وكذا عمليات النهب والسرقة والتهجير المصحوبة بالتكبير بل حتي المفاوضات التي طالت بسبب العقلية المتحجرة لاطرافها كل ذلك لاننا نحتفظ بعقلية متخلفة تربت علي (الدقاك كسروا) ولم تعرف قيم التسامح والعفو عند المقدرة والعفة عند المغنم
عن اي بناء ثقة يتحدثون… فهم لا يدرون جذور مشكلتنا المرتبطة بالعادات والتقاليد ونحن من يجب علينا الاعتراف بذلك و(هدم ثقتنا) بكل تلك الموروثات ومن ثم بناء الثقة بين طرفي الحرب وقبلها مع الشعب والاهم ان يثق الشعب بنفسه ويتصالح مع بعضه البعض ويقبل الاخر علي علاته ومن ثم الاصلاح والتغيير….
الغريب حتي عندما تتحدث عن هذه القيم مع المثقفين تجدها لا تحتل موقعاً عظيماً في نفوسهم وقد يتحدثون عنها بشكل طيب لكن الافعال تناقض ذلك تماماً (وجوة الجوة) تدفعهم روح القبيلة وقبيح موروثها نحو الفعل الكامن داخل النفوس بفعل التربية وحتي التعليم النظامي الذي اتي به (الخواجات) لم يكن كافياً لصناعة التغيير بل كان لخدمة مصالحهم في تلك الحقبة فخلق طبقة جديدة تعالت علي شعبها المتخلف وزاد الامر تعقيداً وساد الاستغلال بعد الاستقلال وصدق سبحانه وتعالي القائل في سورة الرعد الاية11 *(له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من امر الله ان الله لا يغير ما بقوم حتي يغيروا ما بأنفسهم واذا اراد الله بقوم سوءاً فلا مرد له و ما لهم من دونه من والٍ )* صدق الله العظيم
ويبقي من الواجب علينا تغيير ما بانفسنا والتخلي عن كل قبيح و الارتقاء بقيم الدين والاخلاق الفاضلة والمحبة و العفو و التسامح هي مخرجنا من هذه الازمة لا غيرها فلا (جغم) ولا (سالف) سوف يحل القضية يا اهل البندقية
سلامٌ سلام
محمد طلب