يا مراكبي عدينا وعلي توتي ودينا*

*يا مراكبي عدينا وعلي توتي ودينا*
العنوان اعلاه اغنية سمعتها اول مرة لدي الفنان الراحل الجميل محمد احمد عوض
واهل توتي اليوم يبحثون عن (مراكبي) يستطيع ان يقلهم منها الي الضفة الاخري غير التي يطل عليها القصر الجمهوري وقاعة الصداقة وحديقة الحيوان او قل( برج الفاتح) تلك الجزيرة الهادئة الجميلة الخضراء التي لم ار اطيب من قاطنيها وحبهم لها.. اضحي الخروج من توتي عصياً بعد ان ربطها الجسر بضفة القصر ثم اجتاحتها الحرب اللعينة واضحي الخروج منها يحتاج (لتاشيرة خروج) ومعاناة قد تمتد علي طول النهر العظيم للخروج في منطقة امنة لبداية رحلة مجهولة ونهاية غير معلومة وبعد ان غني لها المغنون عن حرية نسيمها و(صوتها) او كما تغني (عتيق) وهو علي الشط الاخر (النسيم من توتي واصوات المتر) وكتب عنها الشعراء ما كتبوا اضحت مغتصبة يعاني اهلها الامرين… توتي الوديعة التي وصفها التجاني يوسف بشير في قصيدة طويلة تصفها واحوالها بدقة متناهية قائلاً
*يا درة حَفَها النُيل وَاِحتَواها البر*
*صَحى الدُجى وَتَغشاك في الأُسرة فَجر*
*وَصاحَ بَين الرُبى الغر عَبقري أَغَر*
*وَطافَ حَولَك رَكب مَن الكَراكي أَغَر*
*وَ راحَ يَنفض عَينيه مِن بَني الأَيك حُر*
*فَماج بِالأَيك عِش وَقامَ في العش طير*
*كَم ذا تَمازج فَن عَلى يَديك وَسحر*
*يَخور ثور وَتَثغو شاة وَتَنهق حمر*
*وَالبهم تَمرح وَالزَرع مونق مخضر*
*تَجاوب اللَحن وَالطَحن وَالثغاء المسر*
*وَهب صَوت النَواعير وَهُوَ في الشَجو مر*
والقصيدة تمتد في وصف الجزيرة التي جمعت بين صفات القرية والمدينة داخل العاصمة السودانية وبقلب نيلها… كانت توتي ملاذ ومنتجع لمن يعشق الجمال والطبيعة من الخضرة والماء والوجه الحسن
لذا كان اهل توتي وقاطنيها من المبدعين واهل الخير والنماء لذا غني المغني
*يا مراكبي عدينا وعلي توتي ودينا*
*وسوق معاك في الرحلة شادينا*
لاحظ الاصرار علي اصطحاب (الشادي) والمغني لان الشدو في تلك البقعة التي (احتواها النيل) له طعم خاص ومذاق مختلف يعرفه جيداً من عاشه هناك علي الضفاف.
للاسف اليوم لم يعد هناك نداء (للمراكبي)من عشاق الجمال والحالمين كي (يعدي) بهم نحو توتي وكل النداءات الان رغم وجود الجسر هي للخروج من توتي وكأن لسان حالهم يردد ذات الاغنية مع ابدال حرف جرها باخر يجرهم من توتي الي حيث لا يدرون وربما حيث لا ما ولا خضرة وكل وجوه القبح والنزيف والصديد الذي اعتري جسد الوطن العزيز وتوتي قلب الوطن النابض بالخير والجمال
علمت من الميديا و ما اكده لي بعض ممن اضطروا لمغادرتها ان الخروج من توتي لاي غرض يحتاج لامضاء (العمدة الجديد) ولسان حالهم يقول (مشيت للعمدة وقال لي ما بمضي) وقد جافتهم (الغمدة) حقاً والامضاء يحتاج (للغمتة) في ظل ظروف عصيبة تعشها توتي واهلها في ظل هذه الكارثة التي تفوق بكثير كوارث الفيضانات التي عانت منها الجزيرة الوديعة وسطروا تاريخها التليد ووثقوا له *(اولاد الفرسان الترسوا البحر خرسان)* شعراً وغناءً ورقصاً و(عرضة) علي ايقاعات الجماعة وطبولهم و(نحاسهم) وعزمهم وشدتهم وهم يصدون عن توتي تمرد الماء والكوارث (المدنية) التي تحتاج عزم الرجال لكنهم الان امام طوفان (عسكري) يحتاج العدة والعتاد…
توتي التي رفدت الجيش السوداني وقواته المسلحة باعظم الضباط والجنود وقدمت الشهداء واحداً تلو الاخر
احسب ان توتي الان تحتاج الي كائن اسطوري يقضي علي ما اصابها ويخرجها من الفك المفترس
ولا احسبهم بحاجة الي كائن الحسين الحسن كي( يحلق بهم حيث لا امنيات تخيب ولا كائنات تمر) لان توتي هي ذاك المكان وجميع اهلها علي قلب محب ويعشقون ارضهم و (ناسهم) و (ونستهم) وكل الجمال
نسال الله ان يفك اسر توتي وكل السودان من هذه الحرب اللعينة التي تمد لسانها وتقول لنا (خموا وصروا)
وكل الامنيات ان نغني مجددا وقريباً جداً
*يا مراكبي عدينا وعلي توتي ودينا وسوق معاك في الرحلة شادينا*
اللهم ارحم والدي واغفر له وادخله الجنة وارحم اهل السودان احياء وامواتاً وابعد عنهم كل الشرور
سلام
محمد طلب