الباقر عكاشة عثمان يكتب : استعادة هيبة الدولة في الولاية الشمالية قراءة في خطوات الوالي الجديد

الباقر عكاشة عثمان

استعادة هيبة الدولة في الولاية الشمالية قراءة في خطوات الوالي الجديد

رأي : سودان سوا

جاء تعيين الفريق ركن عبدالرحمن عبدالحميد واليا على الولاية الشمالية بتكليف من رئيس مجلس السيادة الفريق أول عبدالفتاح البرهان في ظرف استثنائي يتطلب حضور الدولة بوجهها الصارم ومسؤوليتها الكاملة تجاه أمن المواطنين فقد ورث الوالي مشهدا أمنيا مضطربا كانت تتحرك فيه مجموعات لا تخضع لضوابط مؤسسية وتنتشر في الأسواق وتطلق الأعيرة النارية في أوقات متفرقة وتتخذ من أماكن بيع الشاي مقار شبه دائمة
وقد أدرك الوالي منذ اللحظة الأولى أن بسط الأمن لا يمكن أن يتحقق بعبارات التطمين وحدها وإنما بتفعيل أدوات الدولة وإنفاذ القانون على الجميع دون استثناء ومن هذا المنطلق شرعت الجهات المعنية في ترتيبات ميدانية محكمة أسفرت عن إخراج تلك القوات غير المنضبطة من المدينة الأمر الذي انعكس مباشرة في تراجع إطلاق النار العشوائي وعودة الهدوء إلى الفضاء العام غير ان الخطوة الأكثر حسما تمثلت في معالجة ملف المجموعة المعروفة بـ”أولاد قمري”، وهو ملف ظل لسنوات يشكل مصدر قلق للرأي العام نظرا لما يحيط به من غموض في الموارد والولاءات وقد تبنت اللجنة الامنية برئاسة الوالي نهجا واضحا يقوم على دمج أفراد المجموعة في إحدى مؤسستين – القوات المسلحة أو قوات المقاومة الشعبية وقد استجاب عدد منهم لهذا الخيار والتحقوا بالقوات المسلحة كمجندين يتمتعون بأرقام عسكرية رسمية ويخضعون للقوانين واللوائح المنظمة لأفراد الجيش أما من رفض الاندماج فقد آثر التوجه إلى منطقة البطانة للالتحاق بقوات كيكل وبعد خروجهم وإغلاق هذا الملف المعقد حاول قائد المجموعة العودة إلى الولاية تحت مسمى جديد “كدراعة”، وبرتب منحها له كيكل الذي يقاتل حاليا تحت قيادة الجيش ويمتثل لتوجيهاته إلا أن القوات المسلحة تعاملت مع الموقف وفق مقتضيات القانو، بما يضمن عدم السماح بعودة أي مظاهر للانفلات أو التشكيلات الخارجة عن المنظومة الرسمية وتخرج عن سيطرة وقيادة الجيش.
واليوم، تشتم مدينة دنقلا ومحيطها ثمرة هذه الإجراءات من استقرار أمني وشعور عام بعودة هيبة الدولة بفضل الدور الفاعل للقوات المسلحة والأجهزة الأمنية وبفضل القرارات التي أكدت أن إدارة الأمن لا تقبل التردد ولا الحلول الرمادية فالولاية تقدم اليوم نموذجا لما يمكن أن تحققه الإرادة السياسية حين تتقدم على التردد وحين يُعاد الاعتبار لمؤسسات الدولة باعتبارها الإطار الوحيد الذي يملك شرعية القوة وحق ممارسة السلطة كما تؤكد أن معالجة الظواهر الأمنية المعقدة ليست ضربا من المجازفة بل ضرورة لحماية المجتمع وصون السلم الاجتماعي و ما تم في حسم وقفل ملف اولاد قمري يعتبر نموذج عملي فالحسم حين يستند إلى القانون يصبح أساسا للاستقرار وإن هيبة الدولة تبدأ من قدرتها على ضبط أمنها الداخلي ومنع أي قوى موازية من التمدد خارج إطار الشرعية