من ركام الحرب إلى خيمة الدبة.. كفاح تلد “ندى الأزهار” وفاءً لأزهري المبارك
من ركام الحرب إلى خيمة الدبة.. كفاح تلد “ندى الأزهار” وفاءً لأزهري المبارك

الدبة – محيي الدين شجر
في معسكر الإيواء بمدينة الدبة بالولاية الشمالية، أبصرت النور طفلة وُلدت من رحمين… رحم أمها، ورحم المشقة والعذاب.
هي “ندى الأزهار” — الاسم الذي اختارته لها أمها كفاح الصادق محمد عبد الله، النازحة التي أنهكتها الحرب وأثقلت خطاها رحلة النزوح الطويلة من الفاشر إلى الشمال.
كانت الاسم على مسمّى، وهي تقطع الفيافي سيرًا على الأقدام حتى مليط، التي تبعد نحو 65 كيلومترًا، في طريقٍ محفوفٍ بالخوف والجوع والإرهاق منها للولاية الشمالية
لم تمضِ أيام على وصولها إلى المعسكر حتى باغتتها آلام المخاض، لتلد طفلتها وسط خيمة متواضعة، في لحظة امتزج فيها الوجع بالأمل.
قالت لنا والدموع تترقرق في عينيها:
> “سأسميها ندى الأزهار تيمّناً برجل الأعمال أزهري المبارك، الذي لم يخذلنا ووقف معنا في أقسى لحظاتنا. ولو كان المولود ولداً لسميته أزهري المبارك.”
قالت فضلنا الشمال بلد الأمن والأمان وخوفا من بطش المليشيا
كانت كفاح في شهرها التاسع عندما شقّت طريقها شمالًا، تحمل في أحشائها جنينًا، وعلى كتفيها وجع الفقد والخوف والجوع.
فقدت زوجها في معارك الفاشر، ثم رحل شقيقها بعدها بأيام، ولم يبقَ لها سوى والدتها العجوز التي ترافقها اليوم في خيمتهما الصغيرة.
قالت لموقع سودان سوا بصوتٍ متهدّج:
> “الطريق كان طويلاً ومؤلماً، رأيت الموت أكثر من مرة، لكن الله كتب لنا الحياة. وها هي ندى جاءت لتقول إن في هذا البلد ما زال قلب ينبض بالحياة.”
ندى الأزهار، الطفلة التي وُلدت من رحم الحرب، أصبحت رمزًا صغيرًا للأمل وسط عالمٍ تتقاذفه المآسي.
وفي كل مرة تنظر فيها أمها إلى وجه صغيرتها، تهمس لها قائلة:
> “قد وُلدتِ يا ابنتي من رماد الأحزان… فكوني زهرة هذا الوطن الجريح.”