صباح أحمد تكتب : لو امي كانت عايشة يا ربي حتقدر تتحمل البشتنة والشقاوة دي ؟
رأي : سودان سوا
•ولمّا تضعْ الحربُ أوزارَها
في تلك الأيام العصيبة، ونحن محاصرين في قرى الحلاوين خلال فترة سيطرة الدعـ .م السريـ.ع على الجزيرة، واحدة من قريبات شيخ الهادي قالت لي عبارة لازالت عالقة في ذهني حتى اليوم..
“أي زول مات قبل الحرب دي، زول محظوظ وربنا بحبّه.. ما داير ليهو يتبشتن في الدنيا.”
(صمتت لحظة وأضافت وهي تتنهّد):
“زي الزول الجاهو عقد عمل في السعودية وسافر بي مطار الخرطوم.”
كلامها في ظاهره كان بسيط، لكنه حمل من الحقيقة ما يفوق طاقتنا على الاحتمال.
توصيفها كان مؤلم حدّ الابتسام، وواقعي حدّ الوجع.
كانت كلماتها تصف حالنا تماماً..
حال من عاشوا بين الفقد والخوف والضياع..
فقدت أمي قبل الحرب بأسبوعٍ واحد فقط
وبعد اندلاع الحرب، تهنا وتفرقنا ..وتاهت أرواحنا وتبعثرت أيامنا..وكتير جدا كنت ولسة بسأل نفسي لو أمي دي كانت عائشة يا ربي حتقدر تتحمل البشتنة والشقاوة دي ؟!ما أظن!
وبعد كلام قريبة شيخ الهادي دة أتذكرت أمي الله يرحمها..وإتخيلت حالها حيكون كيف بعد الحرب..
ولم املك غير أن أبتسم من دقّة توصيفها ..رغم الحزن الجواي..
الحمد لله ..
أمي ماتت وبناتها وولدها واخوها جنبها واهلها جوا من النيل الأبيض والمناقل عزوا فيها ..لقت اليسترها ويدفنها ولقت اليدعي ليها بعد وفاتها..
بس مامعروف نحنا مصيرنا شنو!
سبحان الله..الزولة دي ماعاشت الحرب زي ما عشناها، لا نزحت لا اتشرّدت.. لكن بكلمات بسيطة قدرت تختصر كل مآسينا، وتضع يدها على الجرح الذي ما زال ينزف فينا حتى الان..