كسلا… الملتقى الاستثماري الثالث: صورة أخرى من خيبات الأمل

كسلا… الملتقى الاستثماري الثالث: صورة أخرى من خيبات الأمل
بقلم : عثمان الشريف
تمثل الملتقيات الاستثمارية منصة حيوية لجذب رؤوس الأموال، وربط المستثمرين بالفرص الواعدة، وتبادل المعرفة، وعرض الحلول للتحديات التي تواجه البيئة الاستثمارية. وعلى الرغم من تمتع ولاية كسلا بميزات استثنائية في مجالات الزراعة、الثروة الحيوانية、التعدين、و السياحة، إلا أن الملتقى الاستثماري الثالث الذي نظمته حكومة الولاية جاء صورةً أخرى من صور الاحباط وخيبه جديده من الخيبات التنموية التي لازمت إنسانها لسنين.
فبدلاً من أن يكون الملتقى منصةً جادةً للترويج الاستثماري، تحوّل إلى فعالية افتقرت إلى الرؤية الاستراتيجية والتفكير العميق في كيف تضع الولايه طعما تصيد من خلاله رؤس الأموال فقد اضاعت حكومة كسلا فرصة لن تتكرر قريبا
وحتى لا نطلق الاتهامات جذافا لابد من توضيح نقاط الخلل والتي تمثلت في الاتي
غياب الفاعلين الاقتصاديين: الأبرز كالشركات الكبرى والمستثمرين الجادين المحليين والأجانب، مما أفقد الفعالية روحها وجوهرها. واقتُصِر الحضور على شريحة رمزية لا تمتلك القدرة على اتخاذ قرارات استثمارية، بينما طغى الحضور السياسي على الطابع الاقتصادي المتوقع، كما غاب عن الفعالية أبرز رجالات الإدارة الأهلية الذين يُعتبرون حجر الزاوية في حل إشكاليات الاستثمار المحلي.
وفي جانب الإعداد الإعلامي غير الموجه و على الرغم من الاجتهاد الواضح في الشكل العام، مثل اختيار قاعة مجمع دار الخير وشاشات العرض الكبيرة، إلا أن المحتوى الإعلامي أخفق في تحقيق الهدف. فقد غلب الطابع الترويجي السياسي على الفيلم الترويجي، الذي ركز على إبراز أداء الحكومة بأسلوب بصري مبدع من ناحية التصوير والمونتاج، لكنه أغفل الإجابة على السؤال الجوهري: **ما هي الإمكانات الاستثمارية الملموسة في كسلا؟** كما تضمن الفيلم مغالطات واضحة، مثل تصوير العملية التعليمية على أنها مستقرة بينما المدارس مغلقة منذ أشهر، ولم يعاني المعلم مما يثير التساؤلات حول دقة المعلومة المقدمة للمستثمر.
كما كان هناك إهمال لقطاعات استراتيجية مثل **الصناعات الدوائية** حيث ( تستورد كسلا نسبة 100٪ ) من الادويه مايعني وجود فرص للاستثمار في القطاع فعدم منحه فرصة كامله امر كان في غاية الأهمية وتجاهل بهذه الصوره لهو قصورا فادح ، خاصة وان كسلا كانت قد استضافت اجتماعات مدراء الادويه والسموم بالسودان مؤخراً وناقش الاجتماع فرص التصنيع الدوائي في كسلا. كما لم تحظَ فرص الصناعات التحويلية بالعرض والتحليل الملازمين. وكان الحديث عن التصنيع الدوائي عابرا وغير معمق
كمان ان قطاع السياحة كان يحتاج لعكس إمكانيات الولايه بصوره أكثر مما عكس به
اما ورقة التشريعات والقوانين كانت نقطة ضعف أخرى، حيث قدمت بشكل لم يقنع الحضور أو يجيب على استفسارات رجال الأعمال والمخاوف التشريعية، وهو أمر أساسي لأي قرار استثماري.
ومع كل هذا الاحباط كان هناك بعض الاشراقات
مثل الورقة المتميزة حول فرص الاستثمار في المعادن والتي قدمها الباشمهندس حسين حاج يوسف، هي الاستثناء الإيجابي الوحيد تقريبا. حيث قدمت الورقة رؤية واضحة ومعلومات قيّمة، وكانت نموذجاً للمحتوى الذي كان ينبغي أن يكون سائداً في الملتقى.
ختاما
خلاصة القول، إن ولاية كسلا الغنية بإمكاناتها تحتاج إلى قيادة أكثر كفاءةً وحنكةً ودراية بفنون الجذب الاستثماري. تحتاج إلى من يفهم أن جذب رأس المال لا يكون بالخطابات والعلاقات العامة، بل **بالتخطيط العلمي، والدراسات الجادة، والشفافية، وعرض الفرص الحقيقية بصدق وجدية.** الملتقى كان فرصة ذهبية أُهدرت، مما يستدعي إعادة نظر جذرية في منهجية العمل وتحويل التركيز من الشكل إلى الجوهر.