كيف أصبح الشاب السوداني تجاني كارتا نجمًا دون معدات احترافية

 

من قلب مدينة نيالا الواقعة في إقليم دارفور، انطلقت رحلة الشاب السوداني تجاني كارتا التي امتدت عبر الأراضي الليبية وصولًا إلى أوروبا، حيث عبر البحر الأبيض المتوسط على متن قوارب تقليدية تُعرف محليًا باسم “السمبك”. وعلى الرغم من قسوة هذه التجربة وتعقيداتها، لم يجعل كارتا من هذه المحطة الصعبة محورًا لمحتواه أو مادة لقصصه، بل اختار أن يظهر أمام جمهوره الأوروبي بأسلوب مختلف، مقدمًا يومياته بروح مرحة ونظرة ساخرة للحياة.

في غضون فترة زمنية قصيرة، استطاع كارتا أن يتحول إلى واحدة من أبرز الظواهر الرقمية على منصات التواصل الاجتماعي، جامعًا بين العفوية وخفة الظل ليجذب أكثر من مليون متابع خلال بضعة أشهر فقط. انطلاقته الأولى كانت عبر منصة “تيك توك”، حيث لفت الأنظار من خلال مقاطع قصيرة اتسمت بالعفوية والدعابة، قبل أن ينتقل إلى “فيسبوك” ويوسع نطاق حضوره الرقمي، ليصبح حديث السودانيين داخل البلاد وخارجها.

ورغم افتقاره إلى معدات تصوير متقدمة أو استوديوهات احترافية، إلا أن كارتا يمتلك ما هو أكثر تأثيرًا: حضور قوي وقدرة فريدة على تحويل التفاصيل اليومية البسيطة إلى مشاهد تثير الضحك والإعجاب. هذا الأسلوب الصادق والبسيط في تقديم المحتوى ساهم في ترسيخ مكانته بين جمهور واسع يرى فيه نموذجًا قريبًا من الواقع.

يقيم كارتا حاليًا في المملكة المتحدة، حيث يواصل دراسته ويعمل بجد، مجسدًا صورة الشاب السوداني المكافح الذي لم ينسَ جذوره، إذ يحرص على إرسال ما يستطيع من دعم لأسرته في السودان. هذا التوازن بين شخصيته المرحة على المنصات الرقمية ومسؤوليته الواقعية في حياته اليومية عزز من شعبيته، وخلق له مكانة خاصة لدى متابعيه الذين يرون فيه مثالًا للبساطة والصدق.

ما يميز كارتا عن غيره من صناع المحتوى هو اعتماده على شخصيته المباشرة دون تصنّع أو إعداد مسبق، حيث يتحدث عن نفسه ومغامراته الصغيرة بأسلوب صادق وروح مرحة جعلته قريبًا من قلوب المتابعين. البعض يراه شخصية ترفيهية خفيفة الظل، بينما يعتبره آخرون تجسيدًا حيًا للشخصية الشعبية السودانية التي تجمع بين الصراحة والقدرة على تحويل المألوف إلى تجربة استثنائية.

لم يعد كارتا مجرد منشئ محتوى رقمي، بل أصبح ظاهرة اجتماعية تعكس تحولات العصر الرقمي، حيث يمكن للنجومية أن تنطلق من هاتف بسيط وصوت صادق، وتثبت أن العفوية وحدها قد تكون أحيانًا القوة الأهم في صناعة التأثير والانتشار.