سوق هيكوتا بعبع المهوسين والنجاح بعرق الكادحين/ بقلم : عثمان الشريف

سوق هيكوتا بعبع المهوسين والنجاح بعرق الكادحين

بقلم:  عثمان الشريف

تكتسب مدينة كسلا أهمية استراتيجية متعددة الأبعاد، جعلت منها نقطة محورية في التاريخ الحديث والقديم، وتقع كسلا على بعد حوالي 40 كم او اقل فقط من الحدود مع إريتريا وحوالي 100 كم وفي بعض المناطق فقط بضعة أمتار من الحدود الإثيوبية، هذا الموقع يجعلها الممر التجاري واللوجستي الرئيسي للسودان نحو دول القرن الأفريقي والعكس.
إذ تمثل الأسواق الحدودية ظاهرة اقتصادية فريدة، تكون فيها الجغرافيا سياسةً والتبادل التجاري دبلوماسيةً. وفي هذا الإطار، يبرز **سوق هيكوتا** في مدينة كسلا، شرق السودان، ليس كسوق تجاري عابر، بل كمحور اقتصادي استراتيجي و**مضخ رئيسي للموارد المالية** في ميزانية ولاية كسلا، بل وفي الاقتصاد القومي السوداني بشكل غير مباشر.

ففي مدينة كسلا وتحديداً في الطرف الشرقي لسوقها الرئيسي يقع البعبع الذي لطالما أرق مضاجع الكثيرين الا وهو سوق المواد الغذائية أو (سوق هيكوتا) ذاك المكان الذي يعج بالنشاط التجاري المحموم اذا لا يعرف مرتادوه السكون منذ طلوع الفجر وحتى المغيب لجهة أنه يشكل شريان الحياة لإنسان كسلا ولجيرانها خاصة المدن الحدودية مع الجارة إرتريا.

نشاط الكادحين من أبناء أرياف كسلا في سوق هيكوتا يؤرق مضاجع من أرادوا ان يقبع الناس في فقرهم حتى يكونوا لقمة صائغه تؤكل متى ما أراد هؤلاء لان من لا يملك قوته لايملك قراره.

لكن يظل الكادحون في سوق هيكوتا يسبحون عكس تيار وأحلام المهوسين المتنمرين، فمرتادوا سوق هيكوتا جعلوا من تجارتهم دين ومعامله إذا قل ماتجد الاختلاسات والمضاربات والاحتكار بينهم، بل يقومون في التجارة على مبدأ الآية الكريمه وواوفوا الكيل والميزان.

وعندما ينادي المنادي، أن حيا على الصلاة، تجدهم يهرولون نحو المساجد، والتجارة عندهم معاملة إسلامية يطبقون حديث المصطفى صل الله عليه وسلم، (رحم الله رجلا سمحا اذا باع واذا اشترى).

سوق هيكوتا ظل يشكل رافدا رئيسيا من روافد دعم خزانة الولاية من خلال الرسم الحكومي والضريبي فيضخ على خزينة كسلا مليارات بل ترليونات الجنيهات في التزام واضح بالقوانين والنظم
ليس هذا فحسب بل تجار هيكوتا مع غيرهم من أعضاء الغرفة التجارية بكسلا يقدمون الغالي والنفيس لدعم كافة المبادرات التي تطرحها حكومة الولاية خاصة في الأزمات وليس ببعيد دعم القوات المسلحة والمقاومة الشعبية والنازحين ومشاريع أخرى لا يتسع الوقت لذكرها.

ومن عرق هولاء الكادحين تُملأ الخزائن دون أدنى خدمة تقدم لهم وأبسطها رصف الطرق الداخلية وفتح المجاري، إذ جادت قريحة محلية كسلا كل المصارف عدا تلك التي داخل وحول سوق هيكوتا ناهيك عن النفايات رغم أنهم يدفعون رسماً يعتبر الأعلى على مستوى السودان ككل، ومع كل ما يدفعه هولاء لا تجد من يقدم لهم الشكر، فتارة يُتهمون بالمهربين وتارة بإن أموالهم صهيونية كما كتب من قبل أحد الصحفيين المهوسين من صحفي الغفلة!
مع إقرارنا ان تجار هذا السوق ليس كلهم ملائكة وقد تجد بينهم هنات هنا وهناك لكن يظل الحكم بالاغلبيه.

المحير كذلك أن عددا غير محدود من المسؤلين بالولاية تجدهم ساخطين على عرق الكادحين وآخرهم المسؤل الكبير الذي طُرح عليه دعم التعليم في إحدى المحليات فكان رده لهم (خلي ناس سوق هيكوتا يبنو ليكم الفصول… وأضاف دكان واحد يبني مدرسة)!!!!!!
ياهذا هل من المعقول أن يكون تفكير هذا المسؤول الكبير بهذه الضحالة والخواء الفكري، أم أنه الحسد الدفين تجاه من اعتمد على نفسه ولم يمد يده لأحد ولم يسرق أراضي ومستقبل أجيال الولاية وجعل منها (شطارة وبراعة ) و(فن في التحايل على القانون) ناسياً ان الله يرى.

ألم يعلم ذاك المسؤل ان أُولى أولوياته هي التعليم والصحة التي فشل فيها فإحتلت كسلا مقدمة قاع الولايات في التعليم
أم يظُن أن عرق الغلابة في سوق هيكوتا رخيص لهذا المستوى.

سوق هيكوتا ظل بعبع للمهوسين والفاشلين الذين لم ترى أعينهم سوى ذاك الطفل الذي تخلى عن مقاعد الدراسة بسبب ظروف اقتصادية قاهرة في قلسا ودبلاويت وابوقمل واروما والرديف وقلوسيت وتلكوك وكُليل وغيرها من مناطق التهميش فاتجه نحو سوق الله أكبر وكدح على مر السنين فنجح.

لا أحد ينكر بأن رجال المال والأعمال يجب أن يكون لهم أدوار تجاه المجتمع خاصة التعليم لكن ليس بفجاجه ذاك المسؤل الذي ينضح حسداً.

ختاما (خلي ناس سوق هيكوتا يبنوا الفصول) مقولة كشفت المستور وإن تدثر بعضهم بثوب القومية!

وشكراً تجار وعمال وكادحين سوق هيكوتا أنتم عنوان النجاح في زمن الفشل.

بقلم : عثمان الشريف