محيي الدين شجر يكتب : البرهان يقطع الطريق على الفوضى داخل الجيش

ترتيب البيت العسكري… البرهان يقطع الطريق على الفوضى داخل الجيش
بقلم: محيي الدين شجر
القرارات التي أصدرها القائد الأعلى للقوات المسلحة مؤخرًا، بإحالة عدد من الضباط الكبار والصغار للتقاعد وترقية آخرين، وجدت اهتمامًا واسعًا داخل الأوساط السياسية والعسكرية. وبينما ذهب البعض إلى اعتبارها استهدافًا مباشرًا للإسلاميين داخل الجيش السوداني، أرى أنها في جوهرها خطوة ضرورية ومطلوبة لإعادة ترتيب البيت الداخلي للقوات المسلحة، الذي تشتت بفعل الحرب المفاجئة، حتى صار كل ضابط يغني على ليلاه بتصريحاته وتسجيلاته، وكأن المؤسسة العسكرية بلا قانون ينظمها.
ولعل البداية الأكثر حكمة كانت بإخضاع القوات المساندة للجيش لذات قانون القوات المسلحة لسنة 2007، ليكون منبع القرار واحدًا بعد أن رأينا طيلة الفترة الماضية تضاربًا في التصريحات والقرارات الفردية. فالمؤسسة العسكرية لا تستقيم إلا بانضباطها ووحدة صوتها، إذ لا يوجد جيش في العالم يسمح لضباطه بالخروج على العلن والتحدث باسمه بلا رقيب أو حسيب.
لا شك أن الضباط الذين شملتهم قرارات التقاعد مشهود لهم بالوطنية، غير أن المصلحة العليا تفرض اليوم إعلاء صوت المؤسسة على حساب الأفراد، وتغليب الانضباط الصارم على الولاءات والتجاذبات. فالمطلوب هو مؤسسة متماسكة يقف وراءها شعب كامل، لا عشرات من الناطقين غير الرسميين أو “الخبراء العسكريين” الذين يفتون ويحللون من بنات أفكارهم.
من المهم أن ندرك أن الجيش السوداني يمر بمرحلة دقيقة، وأن تماسكه يجب أن يكون فوق أي اعتبار أيديولوجي أو سياسي. صحيح أن الإسلاميين خاضوا الحرب كما خاضها شباب المقاومة وآلاف آخرون من أبناء السودان استجابة لنداء الواجب، لكن هذا لا يعني أن القرار في المؤسسة العسكرية يجب أن يُترك لتيار أو فصيل بعينه.
ما حدث كان استجابة لمرحلة شارك فيها الشعب السوداني كله، أما ما سيأتي فهو مرحلة مختلفة تتطلب جيشًا موحدًا، متماسكًا، منصته واحدة وقراره واحد. وهذه هي الرسالة الأعمق في قرارات البرهان الأخيرة: لا مكان للفوضى داخل المؤسسة العسكرية، فالجيش هو العمود الفقري لوحدة السودان وبقائه.