الظلام بعد الغروب.. “العَمى الليلي” يفتك بأهالي الصالحة بعد تحريرها

الظلام بعد الغروب.. “العَمى الليلي” يفتك بأهالي الصالحة بعد تحريرها
الصالحة – مشاعر عثمان
كاميرا (النهار) تجولت في أحياء منطقة الصالحة جنوب أم درمان، بعد أيام قليلة من تحريرها على يد القوات المسلحة السودانية، لتنقل صورة مأساوية عن حال الأهالي الذين عاشوا قرابة عامين تحت حصار مليشيا الدعم السريع.
مأساة في وضح النهار.. وظلام بعد الغروب
بين الأزقة والبيوت المهدّمة، تروي “بخيتة حمودة”، أم لأربعة بنات وولد، قصتها وهي تقبض على يد طفلتها:
“من أشهر، بعد بداية الحرب، بدأنا نفقد النظر لما تغيب الشمس… العمى الليلي ضربنا كلنا، أنا وأولادي.”
ولا تختلف رواية “فاطمة حسن” كثيرًا، فهي الأخرى تؤكد أن فقدان البصر مع الغروب أصبح أمرًا يوميًا:
“مجرد المغرب، الدنيا تصبح ضباب… ما بنشوف أي شيء.”
مشاهد الفقر والمرض.. وسؤال مؤلم
كل من التقتهم كاميرا (النهار) في تلك المنطقة، دموعهم كانت أبلغ من الكلام. أجساد هزيلة، وجوه متعبة، وعيون شاحبة من الجوع والمرض والخوف. تقول مشاعر عثمان:
“سألت أحدهم: (ليه ما طلعتو؟)، أجابني بمرارة: (نطلع كيف؟ ما عندنا قروش).”
أمراض بالجملة.. ومركز صحي واحد
في مركز صحي أنشأته وزارة الصحة بولاية الخرطوم بالتعاون مع منظمة “أطباء بلا حدود”، رُصدت حالات إصابة بأمراض متعددة، منها:
العمى الليلي
الملاريا
الحُمّيات
الإسهالات المائية
الكوليرا
وقد توافد المواطنون بأعداد كبيرة، بعد حرمان دام لعامين دون أدوية أو رعاية صحية.
شهادة من واشنطن بوست.. صدمة عالمية
في مشهد مؤثر، صادفت مراسلتنا كاثرين، كبيرة المحررين في “واشنطن بوست” لشؤون شرق وجنوب إفريقيا، وهي تتوسط الأهالي توثق شهاداتهم عن جرائم المليشيا. كانت تهز رأسها بحزن وتردد:
“This is bad… very bad. It’s the worst I’ve seen.”
—
الصورة اليوم في الصالحة تكشف جزءًا من معاناة شعب بأكمله… شعب عانى في صمت، وسط ظلام الحرب، وفقدان البصر، والجوع، والعزلة.