*مأساة العيلفون/هل من استراحة بعد الاستباحة(2)*

*مأساة العيلفون/هل من استراحة بعد الاستباحة(2)*

دوماً ما نردد في حياتنا العامة وعند الحوادث (عسي ان تكرهوا شئياً وهو خير لكم) في المواساة عند المكاره التي لا نعلم خيرها من شرها الا اننا لا نذكر الجزء الاخر من الاية(وعسي ان تحبوا شئياً وهو شر لكم) في اوقات المسرات ويبدو لي ان مرجع ذلك هو (ان الانسان خلق هلوعاً) يحتاج للمواساة لانه (اذا مسه الشر جزوعا) لذا تجدنا نردد النص الاول كثيرا اما في الحالة الموازية (اذا مسه الخير منوعا)وهلعاً نظن انه خير دائم….. عدا الاستثناءات ذات الدلالات الواردة في سورة المعارج بعد الايات اعلاه.. و رغم ان النصين كلاهما جزء مقتطع من (الاية 216) في سورة البقرة المنتهية ب (والله يعلم وانتم لا تعلمون) و ما يدعوا للتأمل والمراجعة ان ذات الاية مبتدرة ب(كتب عليكم القتال وهو كره لكم) اي انها عن امر الحرب والقتال الذي ربما يكون امره خيراً ولا ندري… وما يستوجب الوقوف عنده ان هةالاية التي تسبقها مباشرة تتحدث عن (الانفاق) ويتبادر الي الذهن سؤال عن ما العلاقة بين الانفاق والقتال في الاية التي تبدأ بالسؤال (يسالونك ماذا ينفقون)و تليها الاجابة علي السؤال بترتيب له دلالاته (قل ما انفقتم من خير فللوالدين والاقربين…) الي اخر الاية المنتهية ايضاً الي علم المولي عز وجل(وما تفعلوا من خير فان الله به عليم) ثم تتحدث الاية التالية عن القتال وكُرهه والشر الذي ربما يكون سبباً لخير قادم او العكس غير المعلوم لنا لمحدودية قدراتنا ودرجات العلم والاستيعاب لدينا…

حقيقة ابتدرت مقالي عن مأساة العيلفون وامر القتال في السودان بهذه الايات لاعتقادي انها تحتاج لاعادة القراءة والتأمل للخروج بفهم اعمق لا يستند فقط علي ما ورد بالتفاسير ولكن يستأنس بها للخروج بمفاهيم تتناسب مع احداث اليوم والقرأن الكريم كما تعلم عزيزي القارئ هو اخر الكتب السماوية وصلاحيته لانهائية ومُنزل للبشرية جمعاء والخالق هو العالم بكل شئ وهذه الاحداث مكتوبة ووو وهذا مجال وبحث لست من اهله لكني افتح باباً للتدبر له اهله وعلماءه الافذاذ
ونحن ايضاً جميعاً علينا التفكر بقدر ما وهبنا الله من علم ومعرفة علي قلته القليلة …

علي المستوي الشخصي احسب ان الحالة المرضية والجلطات الدماغية التي اصابتني في السنتين الاخيرتين وشلت جزء مقدر من حركتي وكانت هي السبب في مكوثي بالعيلفون لاربعة ايام في هذا الاجتياح الكريه قد كانت ايضاً سبباً في خروجي الآمن من العيلفون بعد ان وقعت في قبضة الدعم السريع اكثر من مرة وفي اليوم الاول فقط احاطت بي منفرداً اعزلاً عشرات التاتشرات المدججة بالسلاح وسوف اعود لهذه التفاصيل لاحقاً

كان يوم الخميس 5/اكتوبر يوماً عادياً بالعيلفون مثله مثل شهور وايام الحرب السابقة بلا كهرباء ولا ماء نقتات مع طعامنا الشائعات واكاذيب الميديا وغرفها المظلمة والكل يتخير الصنف الذي يناسبه ويطمئن نفسه والاخرين… اصوات الرصاص المتقطعة والطائرات والمسيرات التي نسمع ضرباتها القوية وبعدها مباشرة نسمع انها (جغمت) كذا وكذا بالجهة الغربية للنيل الازرق او انها فعلت كذا وكذا في منطقة اللؤلؤة( والبل تقيل) وكلام يجد طريقه من الهواتف مباشرة الي مجالسنا وكل يضع عليه ما جادت به توابله… ولكن عندما (جغمت) المسيرة منزل (اولاد عثمان ضرة) رحمه الله بالعيلفون (عرفنا حاجة) فقد كانت تقصد الدعامة بمكاتب جهاز الامن بالعيلفون الذي لم تسقط منه طوبة وتضررت المنازل جنوبه ضررا بليغاً وفقدنا ارواح من الاهل والاعزاء.. واخشي ما اخشي ان يكون وضعنا دائماً (ان نعرف حاجة بعد العجاجة) او بعد ان يكون( الرماد كال حماد) ولا ادري من هو حماد واغلب ظني انه الشعب المغلوب علي امره

اعتدت في الفترة الاخيرة ان اخرج من بيتنا في نهايةحي الامتداد (بالبرودية) بعد تناول الافطار والادوية قاصداً مسجد شيخ ياسر عثمان جاد الله في اول الحي والملحق به دار حفظ القران بالعيلفون واحياناً افطر مع (شيخ عمار وشيخ محمد) ومجموعة اخري الاخوان في فناء (المسيد) الذي يضج بالحياة والقران يملأ اسماعنا ويطمئن القلوب في الفترة الاخيرة وبعد وفاة والدي رحمه الله وجدت راحتي هناك وحدثتهم باني اود الاستقرار والسكن وحفظ القران في تلك الدار وتناقشنا في هذا الامر وكنت علي وشك الاستقرار بصحبة ابني الشيخ هناك بغرض حفظ القران…

الدار هذه الايام بها حركة كثيفة نسبة لوجود مياه وبئر تعمل بالطاقة الشمسية والناس تبحث عن الماء اصل الحياة الذي اصبح شبه منعدماً بالعيلفون…. كنت اصلي الظهر والعصر والمغرب واعود احياناً قبل المغرب و مداهمة الظلام خوفاً من التعثر في تلك الطرقات المظلمة واحياناً انتظر صلاة العشاء في حال ضمان سيارة توصلني البيت
الا ان ظهر وعصر ومغرب يوم الخميس وليلة جمعة اجتياح العيلفون كان مختلفاً نعود لتفاصيله في المقالات القادمة ان شاء الله

سلام

كتبه/ *النازح المُشرد الذي ذاق ما ذاق فاقد المأوي وكاره النفاق منتظر الاتفاق في ظل اللا اخلاق وارواح تزهق ودماء تراق/ محمد طلب*

اسمرا 14/10/2023