زمن الغتغتة والدسديس*

*زمن الغتغتة والدسديس*
العنوان اعلاه مقتبس عن مقولة (شهيرة) لقائد قوات الدعم السريع (المتمردة) محمد حمدان دقلو المعروف ب (حميدتي) والذي ما زلنا كعامة الشعب السوداني ومواطنيه (المدسوس عليهم) لا نعرف ماذا جري له هل (مات وشبع موت) كما يقول البعض منا رغم انني لم ار او اسمع اي تصريح للجيش يبين ذلك الامر والبعض الاخر يقول انه علي اتصال دائم به ولكن لا ندري في اي العوالم يتصل به كما ان القنوات الفضائية والميديا تقول (صرح) ولا ندري صرح لمن واين ومتي وكيف؟؟ وفي اي العوالم؟؟ عموماً هذا ليس ما يهمني في هذا المقال سوي ان العنوان ماخوذ من جملته الشهيرة (زمن الغتغتة والدسديس انتهي) رغم اننا نعيش في عالم كبير من (الغتغتة و الدسديس) الان
واحسب اننا وفي هذه الحرب وقمة اشتعالها وانتشارها قد وصلت (الغتغتة والدسديس) اعلي مستوياتها علي مدي تاريخنا الحديث ومنها مسألة قائل الجملة نفسه(حميدتي) …
ولكني هنا بصدد البحث والتفكير عن (الغتغتة والدسدسة) في ذاتها وكينونتها وهل هي امر جيّد ومطلوب ام انه سيئ ومرفوض؟؟؟ وهذا سؤال مهم والاجابة عليه اهم
والجملة اعلاها(الغتغتة والدسديس) هي اشهر جمل الفترة (الانتقالية) التي تحول (لامها) اخيراً الي (ميم) ماكرة جعلتها فترة (انتقامية) وهي الجملة الاشهر في تلك الفترة لا منافس لها سوي (حدس ما حدس) التي بواطنها وحواشيها كم هائل من (الغتغتة والدسديس)
نعد للجملة الاولي التي اشتهر بها (السيد الثاني) سابقاً و(المتمرد الاول) حالياً وهل لها اصول في الثقافة المحلية او الدين والقيم السودانية لاننا بلا دولة ولا نظام وحياتنا السياسية مبنية علي الاكاذيب و اللعب والتحايل فالدول التي بها انظمة لها (اسرار دولة) ونظام محكم لكل هذه الاسرار واعمار محددة يسمح بعدها بالكشف عن تلك الاسرار بالقدر المعين والمعلوم لغرض معلوم او للتاريخ وليس (غتغتة ودسديس) بين اصدقاء اليوم الذين ربما يصيروا اعداء الغد وهكذا هي حالة (اللانظام) من (الغتغتة والدسديس) فبلادنا لم تعرف النظام الا مع الانجليز تركناه لهم بعد ان خرجوا (بطوعهم) ضمن نظامهم المظبوط
يقول اهلنا في امثالهم الشعبية (السترة والفضيحة متباريات) اي انهما يتبعان بعضهما البعض او انهما وجهان لذات العملة… ايضاً في فترة الانقاذ سمعنا كثيرا عما يسمونه (فقه السترة) كناية عن (غتغتة ودسديس) للفظائع من سرقات وجرائم ارتُكبت في حق هذا الشعب المغلوب علي امره و الذي ايضاً يتمسك (بفقه السترة) بطريقة او باخري من خلال ثقافته ودينه والقيم الاجتماعية… والسؤال الحائر الذي يحتاج لاجابة تقطع الشك باليقين ماهو مفهوم السترة تحديداً؟؟ ومتي نستر ومتي نفصح ونفضح؟؟ فالمعلوم قول رسولنا الكريم (والله لو سرقت فاطمة بنت محمد لقطع محمد يدها) او كما علمونا في المدارس وقالوا لنا في المنابر فهل (فقه السترة) نفسه من ضمن الاكاذيب والغتغتة؟؟
(السّاتر) او( الستّار) ليس من اسماء الجلالة الواجب معرفتها كما افاد (الفقهاء والعلماء) وهو جل جلاله المطلع علي كل شئ حتي ما توسوس به النفوس (ولقد خلقنا الانسان ونعلم ما توسوس به نفسه ونحن اقرب اليه من حبل الوريد) والله يستر عيوبنا ان اتخذنا لذلك الاسباب
والستر مطلوب في كثير من الاشياء و قد وهناك قول في ما معناه (من ستر مؤمناً ستره الله ) والقانون يقول التستر علي الجريمة جريمة
احسب ان (المتمرد) حميدتي تمرده ليس جديداً فقد تمرد علي (فقه السترة)و الرجل علي بساطته يعتقد ان (الغتغتة والدسديس) خطأ كبير في حين ان هذا الامر ليس علي اطلاقه وهو (ذاااتو) (يغتغت ويدسدس)
وربما يكون امر (الغتغتة) احياناً ضرورة(اسرار) يفرضها (النظام) لكننا في بلد( اللا نظام) والوصول الي هرم الدولة والسلطة يتم عبر (اللانظام) نفسه او ان صح التعبير عبر جريمة (الهمبتة) ومن يملك السلاح يملك (الباقي) ويوقف المسيرة وهذا جزء مما يحدث الان
(الغتغتة) امر مطلوب وجيد احياناً ويتوقف ذلك علي الموازنة والترجيح بين الضرر المتوقع من (الغتغتة) والمنفعة المتوقعة منها ايضاً ومقارنته بالضرر والمنفعة من عكسها وهو الافصاح كما ان الرجل(حميدتي) له ذكاء فطري لا يستهان به لكن غباء البعض جعلهم يستهينون بذلك الذكاء والمكر والدهاء وقطعاً كان للرجل وهو يقول زمن (الغتغتة والدسديس انتهي) ما يريد التغطية عليه و(دسه) الذي ربما يصل درجة (دس السم في الدسم كما يقولون)
لكني اري ان الرجل كان وما زال (لو كان حياً) يعرف كثيراً من الاسرار و(المستور والمدسدس) لذلك اتي بهذه الجملة كمضاد (لفقه السترة) وبلا شك له اغراض منها ورمزية للتهديد بما يعلمه لكنه ليس بذلك الغباء الذي يجعله (يفتوا كلووو) كما كان يتخوف البعض من ذلك لكن الرجل له ذكاء ودهاء ولعب علي الحبال التي يمسك باطرافها والا لما وصل الي ان يكون الرجل الثاني في هرم السلطة والذي اضحي الان المتمرد الاول الذي يهدد بتكوين عاصمته في الخرطوم متي ما تم اعلان عاصمة اخري وحكومة جديدة لادارة البلاد في اي مكان اخر .. رضينا ام ابينا فان حميدتي يملك من الذكاء والمكر والدهاء ما لا يملكه غيره من اعضاء الحكم الانتقالي الذي اضاف الي قوته قوة وسلاح ومال ورجال
وبشكل عام (الدس) امر موجودة في ثقافتنا المحلية (حميده وخبيثه) منذ ايام (دس التموين) حتي (دسدسة الاغاثة)الاخيرة في هذه الحرب مرورا( بدسدسة) امر الذهب والبترول عن شعبنا المدسوس عليه من الضالين المتمكنين و غيرهم
والدسدسة والمقابل للافصاح موجود في العابنا الشعبية وهناك انشودة تصاحب اللعب تسربت من ذاكرتي الخربة الا القليل (المفتاح عند النجار والنجار عاوز….. و…. و… والبقر عاوز الحشيش والحشيش عاوز مطر.. ربنا يا ربنا ربنا جيب المطر) واجمل ما في هذه الانشودة انها توصلنا الي ان الامر كله بيد الله سبحانه وتعالي وفي ذات الوقت لم تتجاوز الانس والجان و(عاوز.. عاوز) والاسباب وربنا يستر علي السودان واهله ويتخذوا الاسباب لذلك التي من ضمنها (الغتغتة والدسديس) الحميد من خلال نظام حميد
وكلنا مارس الغتغتة بنوايا الخير او الشر ولعب (الدسوسية) ومارس بعضنا الجاسوسية اثناء اللعب… واكتسبنا مهاراتنا الحميدة والخبيثة من مجتمعنا…
اما زمن الغتغتة والدسديس فلم ينته بعد وما زال ممارساً من الجميع واخر قولي ما لم اقله اولاً ماهي علاقة البادية (بالغتغتة والدسديس) مقارنة بالمدينة والعوالم المفتوحة؟؟
اللهم ارحم والدي واغفر له وادخله الجنة
سلام
محمد طلب