مات عوض و بكته الجبال و الوديان و الغزلان ونقابات المهندسين و عمال التعدين

راي : سودان سوا

كان كلما يأتينا وفد من الرئاسة في مأموريات علمية حقلية أو ميدانية مكتبية ، أشاهد زملائي من العاملين من كل التخصصات يتحلقون حول ذلك الشاب الباسم الظريف ، المهندم ببدلة أفرنجية و أحيانًا بالجلباب و الناس تسأله :
بدل اللبس عملتو فيهو شنو
السنة دي في بعثات لروسيا
بدل السكن و علاوة الأبحاث
عاوزين تنكر موية و ترحيل و صيانة منازل
البدلات حترفعوها

كان الشاب يدعو لإجتماع لتوضيح الأمور و أكثر المرات يجيب على الأسئلة واقفا و لا يضجر و دائما يقول :
أبشرو بالخير
رافقت هذا الشاب الجيولوجيست في جبال و خيران و رمال تهاميم و دورديب و أبوسمر و غيرها
في مرة من المرات حضر للمكتب زملاء كانوا في بعثة دراسية لنيل الماجستير في الجيولوجيا الهندسية ، و كان من عادتنا ، ناس بورتسودان، تقديم كل ما يلزم لتخليص (عفشهم ) القادم من هولندا ، فالزملاء كانوا من الدارسين بمعهد ITC الهولندي
في مكتب الرسم و هو واحد من إدارات الجيولوجيا نادتني مديرة المكتب و كنت أقف خلف الشباك :
إتفضل ياشليعة
و هنا خرج الشاب و وقف بقربي و سألني :
البت دي قالت ليك شليعة
شليعة دا منو ؟
قلت ليهو أبوي
من وين ؟
المقل
و هنا سألني بسرعة :
حمودة تعرفو
حمودة ود عمي
فقال الشاب أنا أخو زوجتو
سألته : شهر سبعة سنة اتنين و سبعين حصل ليها شنو ؟
قال لي ياخي دا بدري
قلت ليهو : تعرضت لانفجار انبوبة غاز
عوض محمد احمد الكسابي
الجيولوجي الكيميائي
النقابي
الرجل الودود البريئ الذي ينزل بديم الحجر مع اولاد كافوته و يرفض الفنادق الفخمة
يطلع أعلى و أعتى الجبال و في قلبه علّة و تحت لسانه حبة لمنع الذبحة
مات عوض بالأردن
و بكته الجبال و الوديان و الغزلان ونقابات المهندسين و عمال التعدين
بكته زوجته و أخته
مثلما بكى الناس طارق حمودة
رحمهم الله جميعا ورضي عنهم
آمين

عمار سيد احمد شليعة