محيي الدين شجر يكتب: لماذا لم يخلع جبريل إبراهيم بزته العسكرية منذ سقوط الفاشر؟

محيي الدين شجر يكتب: لماذا لم يخلع جبريل إبراهيم بزته العسكرية منذ سقوط الفاشر؟

بورت سودان : سودان سوا

منذ سقوط مدينة الفاشر، لفت نظري ظهور الدكتور جبريل إبراهيم مرتديًا الزي العسكري في كل مناسبة تقريبًا؛ إذ لم يخلع وزير المالية بزته العسكرية إطلاقًا، في مشهد—برأيي—يحمل رسالة سياسية واضحة لا تخطئها العين.

فالفاشر، التي ظلت محاصرة لما يقارب العامين، ليست مدينة عادية بالنسبة لجبريل؛ فهي معقل حركته العدل والمساواة، وموطن عشيرته، وركيزة وجوده السياسي والعاطفي، فضلًا عن بعدها التاريخي والرمزي. لذلك فإن ارتداءه الزي العسكري بعد سقوطها لا يمكن تفسيره كبروتوكول أو مصادفة، بل هو موقف معلن وانتماء راسخ.

جبريل ظهر بالبزة العسكرية في تأبين ناظر الحَمَر، وفي عدد من أنشطة وزارة المالية، وبات يمارس عمله اليومي داخل مكتبه مرتديًا “اللبس خمسة” كما يصفه العسكريون. كما زار معسكر العفاض لنازحي الفاشر بالزي ذاته، واستقبل ضيوفًا أجانب دون أن يستبدل بزته، في رسالة تؤكد إصرارًا على أن حركته لم تستسلم رغم فقدان معقلها الأكبر، وأنها ما تزال في قلب المواجهة.

قراءة في “رسالة الزي العسكري”

ارتداء جبريل للبزة العسكرية ليس انتقاصًا من دوره المدني كوزير مالية، ولا هروبًا من مسؤولياته الحكومية، بل هو—وفق قراءة مراقبين—تأكيد على عدة رسائل مهمة:

1. حركة العدل والمساواة في حالة تعبئة كاملة

الزي العسكري هنا إعلان بأن الحركة لا تعتبر سقوط الفاشر نهاية المطاف، بل معركة مؤجلة ستُخاض من جديد.

2. معركة الفاشر بالنسبة له معركة هوية ووجود

فقدان المدينة لم يكن مجرد حدث عسكري، بل ضربة لعمق اجتماعي وتنظيمي يرتبط بجبريل شخصيًا.

3. رسالة سياسية بأن استعادة الفاشر هدف استراتيجي

ارتداء البزة في كل مناسبة تذكير بأن القضية لم تُغلق، وأن الحركة ما تزال تُعدّ للعودة.

4. إنهاء نموذج “السياسي المنفصل عن أرضه”

جبريل يقدم نفسه كمسؤول في الدولة وقائد ميداني في الوقت نفسه، دون أن يتخلى عن أي من الدورين.

ورغم أن بعض الأوساط ترى في ظهوره العسكري المتكرر خلطًا بين المدني والعسكري، فإن كثيرين—خصوصًا قواعد حركته—يرون فيه رسالة صمود وثبات ضرورية في مرحلة الحرب.

السؤال الذي يبقى مفتوحًا:

هل يلمّح جبريل إلى معركة قادمة لاسترداد الفاشر؟
أم أن البزة العسكرية مجرد رسالة معنوية وشعار للثبات؟

الأيام وحدها ستكشف ذلك.

محيي الدين شجر