تحقيق استقصائي: إغلاق حسابات المجلس الأعلى للحج واستئجار منزل بـ140 مليون جنيه

 

تحقيق استقصائي: إغلاق حسابات المجلس الأعلى للحج واستئجار منزل بـ140 مليون جنيه
محيي الدين شجر

خلفية عن المجلس الأعلى للحج والعمرة

يُعد المجلس الأعلى للحج والعمرة الهيئة الحكومية المسؤولة عن تنظيم شؤون الحج والعمرة في السودان، بما في ذلك الترتيبات الإدارية والمالية المتعلقة بالحجاج والمعتمرين. تتضمن مهامه الإشراف على توفير الخدمات اللوجستية، التنسيق مع السلطات السعودية، وتنظيم حملات الحج والعمرة. يُفترض أن تكون إدارة الحسابات المالية للمجلس خاضعة لآليات مؤسسية محددة، تضمن حقوق العاملين وتُحكمها القوانين واللوائح المعمول بها.

القرار الوزاري وتأثيره على الموظفين

في سبتمبر الماضي، أصدر وزير الشؤون الدينية والأوقاف، بشير هارون، قرارًا بإغلاق حسابات المجلس الأعلى للحج والعمرة. نتج عن هذا القرار حرمان الموظفين والعمال من صرف رواتبهم واستحقاقاتهم المالية، دون تقديم توضيحات قانونية أو إدارية تبرر هذا الإجراء. وفقًا للمصادر المطلعة، يُعد هذا القرار تجاوزًا للصلاحيات، حيث أن إدارة الحسابات المالية للمجلس تخضع لترتيبات مؤسسية معروفة ولا يجوز للوزير التدخل المباشر فيها، خاصة فيما يتعلق بحقوق العاملين.

استئجار منزل بـ140 مليون جنيه

في الوقت الذي أوقف فيه الوزير صرف رواتب الموظفين، تم الكشف عن استئجاره منزلًا فخمًا في بورتسودان بقيمة 140 مليون جنيه سوداني لمدة خمسة أشهر، أي ما يعادل مليون جنيه يوميًا. هذه المعلومة، التي نشرتها الصحفية رشان أوشي عبر منصاتها، فتحت الباب أمام تساؤلات متزايدة حول أولويات الإنفاق العام في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تمر بها البلاد.

تساؤلات مشروعة

تثير هذه الوقائع عدة تساؤلات مشروعة:

هل يحق للوزير التدخل في شؤون المجلس الأعلى للحج والعمرة؟ وفقًا للترتيبات المؤسسية المعمول بها، يُفترض أن تكون إدارة المجلس مستقلة في شؤونها المالية والإدارية.

هل يتناسب استئجار منزل بهذا المبلغ مع طبيعة منصب الوزير؟ في ظل الأوضاع الاقتصادية التي يعاني منها المواطن السوداني، يُعد هذا الإنفاق غير مبرر.

هل تم اتباع معايير الشفافية والحوكمة في هذه الإجراءات؟ ظهور شقيق الوزير كشاهد على عقد الإيجار يثير تساؤلات حول نزاهة العملية.

دعوات للمحاسبة

طالب قانونيون مساءلة الوزير على هذه التصرفات، معتبرين انها تجاوزًا للحدود. كما دعوا إلى تحقيق شامل في وزارة الشؤون الدينية والأوقاف، خاصة في ظل تصريحات رئيس الوزراء الأخيرة عن محاربة الفساد.

تعليق سودان سوا

إذا كان رئيس الوزراء قد أعلن في مؤتمره الصحفي الأخير عزمه محاربة الفساد دون استثناء، فعليه أن يبدأ من وزارة الشؤون الدينية، وأن يحقق في ملابسات إغلاق حسابات المجلس الأعلى للحج والعمرة. فإن كان الهدف من الإغلاق الحفاظ على المال العام، فكيف يُبرَّر استئجار منزلٍ بهذا الرقم الفلكي؟