رحيل ساحر الشعارات والكاريكاتير..وصاحب برنامج خد وهات بتلفزيون السودان

رحيل ساحر الشعارات والكاريكاتير.. أدمون منير يودّع الدنيا تاركًا الفئران تهتف والقطط تختبئ!

القاهرة : سودان سوا

رحل عن دنيانا في القاهرة يوم الخميس 25 سبتمبر، الفنان التشكيلي والمصمم والكاريكاتيري أدمون منير، على أن تُقام الصلاة ومراسم الدفن اليوم الجمعة بكنيسة مارجرجس بهليوبوليس.

وُلد أدمون منير في بحري، وتلقى تعليمه بالكلية القبطية والمدرسة الإنجيلية، ثم التحق بقسم الخط العربي بالمعهد الفني (جامعة السودان حاليًا)، قبل أن يواصل دراسته في ألمانيا الغربية حيث حصل على دبلومين في الفنون والرسوم المتحركة والخدع السينمائية عامي 1972 و1983. وقد لُوحظت موهبته مبكرًا حين رسم طبقًا سودانيًا بألوان زاهية أثارت إعجاب معلميه، ليدفعه ذلك إلى العمل خطاطًا في سوق بحري، قبل أن يشق طريقه إلى عالم الفن والإعلام.

في نوفمبر 1963، التحق بتلفزيون السودان بعد عام واحد من انطلاق بثه، متنقلًا بدراجته من شمبات إلى أبو روف ليبدأ عمله مصممًا لشعارات البرامج. سرعان ما بصم شاشات المشاهدين بأعمال خالدة مثل شعار نشرة التاسعة مساء الذي تحولت فيه الكرة الأرضية وأوراق الأخبار إلى عرض بصري متكامل، بجانب رسوم متحركة سبقت عصرها مثل الطفل الصياد والفتاتين الراقصتين ورقصة العروس السودانية. وكانت هذه الإنجازات سابقة فنية وإعلامية لم يعرفها أي تلفزيون عربي أو أفريقي آنذاك.

كما ابتكر سهرة خد وهات التي كسرت القوالب التقليدية، معتمدة على الأسئلة المكتوبة والرسوم المتحركة والكاريكاتير، مستضيفًا كبار نجوم السودان ومصر. ثم اتجه لاحقًا إلى الكاريكاتير، حيث نشر أول أعماله في السبعينيات بصحيفة الصحافة عبر رسم ساخر شهير يُظهر مظاهرة للفئران ترفع لافتات كتب عليها: “قراركم أثلج صدورنا” خلال حملة القضاء على القطط في الخرطوم، في ضربة عبقرية ما زالت حاضرة في ذاكرة الأجيال.

عمل منير مع كبريات الصحف مثل أنباء السودان والثورة وكردفان والناس ومجلة الإذاعة والتلفزيون، بجانب أسماء لامعة مثل محمود أبو العزائم، الفيتوري، يحيى عبد القادر، حسان سعد الدين، ومبارك إبراهيم. وفي العام 1983، حمل خبراته إلى تلفزيون أبوظبي حيث قدّم إبداعات تركت بصمة واضحة، مكرسًا نفسه كسفير حقيقي للفن السوداني.

برحيله، يفقد السودان فنانًا عبقريًا صنع ذاكرة بصرية للأجيال، وحوّل الخطوط والرسوم إلى حكايات لا تُنسى.