عبد الماجد عبد الحميد يكتب : غسلت دواخلي وبكيت كما لم أبكي قريبا على عزيز رحل

عبد الماجد عبد الحميد يكتب : غسلت دواخلي وبكيت كما لم أبكي قريبا على عزيز رحل
رصد : سودان سوا
اليوم ودعت مع أحبابها وأهلها وقبلنا جميعا زوجها الرمز وأولاده الأقمار .. معهم جميعا والذين غابوا بأجسادهم عن لحظات تشييعها المهيبة وكانوا حضورا بدعواتهم ولوعة الحزن النبيل .. معهم ودعت الخالة سلوي زوجة أستاذ الأجيال الوزير الإنسان محمد آدم سعيد والتي إنتقلت إلي رحاب الله صباح اليوم وتوسدت الثري إلي الأبد بمقابر حمد النيل بأمدرمان ..
علي شاهدي قبرها لم أتمالك نفسي .. غسلت دواخلي وبكيت كما لم أبكي قريبا علي عزيز رحل .. جفت المآقي من تتالي البكاء علي الراحلين .. لكنني بكيت علي قبر الوالدة الراحلة سلوي .. إمرأة تمثل عندي مشاعر متداخلة .. هي عندي في مقام الوالدة .. لطالما زرتها في منزلها بكوستي .. لا اقابلها كثيرا .. ومع هذا تجد أنفاسها وبركة حركتها في كل ركن من أركان البيت .. هي حضور في الطعام الذي تعده .. طعام تعلوه العافية وتحفه نعمة الصحة وعطر الأكل الحلال ..
لطالما قلت لنفسي وتساءلت : لماذا يسكنني شعور صادق حتي مشاش العظم وسويداء القلب أن الخالة سلوي هي أمي التي لم تلدني ؟
ذات عام حجي لبيت الله الحرام وقفت في حضرة النبي صلي الله عليه وسلم .. بلغته عليه السلام سلام والدي عليه رحمة الله ووالدتي أطال الله في عمرها .. وبلغته صلوات الله وسلامه عليه سلام الخالة سلوي .. أشهد الله أنها لم تطلب مني ذلك .. لكنها لحظات حضور خالصة قدمت فيها الراحلة العزيزة مع مقام والدي ووالدتي ..
لن أنسي آخر مهاتفة لي معها قبل أيام .. سألتني بحنان وعطف هز وجداني وهي تقول : طولت مني يا ولدي .. شايفاك ضعيف وصحتك ماعاجباني .. شفتك في التلفزيون ..
مسحت دمعة غالبتني .. قلت لها أنا بخير يا والدة .. وبإذن الله حأجي أزورك ..
تثاقلت خطاي عن زيارتها وحبستني مشاغل الحياة حتي بلغني خبر وفاتها صباح اليوم .. جئت مسرعا لوداعها .. وقفت طويلا في مكان حفر قبرها .. هنا إذن سندفن ماما سلوي .. هنا سيرتاح جسدها الذي طهرته إبتلاءات المرض التي قابلتها بصبر وثبات جمل وجهها الصبوح وزاد يقينها بسفرها الأبدي لملاقاة الله جل جلاله وصحبة سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم ..
وداعا ماما سلوي .. برحيلك عن الدنيا زاد يقيني بأن الآخرة حق .. ويقيني أن الله لن يحرمنا من صحبة أمثالك من الصالحين وعباد الله المؤمنين ..
رحمة الله عليك ماما سلوي .. ولا حول ولا قوة إلا بالله .. ( إنا لله وإنا إليه راجعون )..