هل يحسم مالك عقار أزمة المجلس الأعلى للحج والعمرة وينتصر للحق؟

 

هل يحسم مالك عقار أزمة المجلس الأعلى للحج والعمرة وينتصر للحق؟

بقلم / محيي الدين شجر

 

في السودان، تتحرك كثير من الملفات الإدارية والسياسية في ظلال التوافقات والمصالح المتشابكة بين الأطراف المختلفة. ومع ذلك، تظل هناك كفاءات لا يمكن تجاوزها، لأنها تمثل ضمير الدولة وقدرتها على الاستمرار وسط الفوضى والصراعات.
قضية المجلس الأعلى للحج والعمرة الأخيرة، مثال صارخ على التحديات التي تواجه هذه الكفاءات، حيث تتقاطع الأهواء والمصالح مع الحق والعدالة. وفي هذا السياق، يبرز دور السيد  مالك عقار كنائب لرئيس مجلس السيادة في حفظ الاستقرار وضمان العدالة الإدارية.

 

 

شاهدنا كيف مُلئت المناصب الوزارية في حكومة كامل إدريس وفقًا لتوافقات شركاء العملية السلمية، دون تدخل مباشر منه. فقد دفعت الحركات المسلحة بمنسوبيها وأصرت على تثبيتهم، ليضطر رئيس الوزراء إلى الموافقة استجابة لصوت الاستقرار . ولعل تصريح مني أركو مناوي: “ما عندنا وزير بيترفض” خير دليل على حجم النفوذ الذي تمارسه هذه الحركات في المشهد السياسي.

كما جاءت ترشيحات الناظر محمد الأمين ترك لمنصبي الداخلية والمجلس السيادي، لتؤكد أن معظم الترشيحات كانت واجبة التنفيذ باعتبارها جزءًا من معادلة تثبيت الاستقرار وضمان استمرار الاتفاقات. ومثل ذلك كان دور حركة العدل والمساواة في تثبيت الدكتور جبريل إبراهيم وزيرًا للمالية.

عقار… الانحياز للنداء الوطني

بعيد اندلاع الحرب، اختار الفريق أول ركن رئيس المجلس السيادي عبد الفتاح البرهان، مالك عقار نائبًا له في مجلس السيادة خلفًا للمتمرد محمد حمدان دقلو (حميدتي).
وتوقع كثيرون أن يرفض عقار المنصب ويختار الوقوف إلى جانب مليشيا الدعم السريع خاصة وأنه جاء وفق اتفاق سلام سعي له حميدتي.
لكنه فضّل الانحياز للنداء الوطني ومؤسسات الدولة، وأسهم بذلك في استعادة هيبتها والحفاظ عليها من الانهيار. وهو ما يثبت أن خيارات الحركة الشعبية – قطاع الشمال، بقيادة عقار، يجب أن تُحترم ولا تُترك لأهواء البعض أو لأطماعهم.

أزمة المجلس الأعلى للحج والعمرة

اليوم تتجلى أهمية هذه الثقة في ملف المجلس الأعلى للحج والعمرة، بعد إعفاء سامي الرشيد، رجل النيل الأزرق الذي اختاره عقار من بين المئات.
الإعفاء جاء رغم نجاحاته البارزة، ومنها:

مضاعفة حصة السودان للحج هذا العام بنسبة 100%.

إنجاح موسم الحج الماضي رغم التعقيدات الهائلة.
إضافة إلى التطوير في ملف حزم الخدمات..

لكن وبجرة قلم، تم إعفاؤه من منصبه، في خطوة أثارت جدلًا واسعًا وأسئلة مشروعة حول مستقبل الكفاءات في ظل هيمنة الأهواء والمصالح.

مؤامرات وضغوط

بدأت الأزمة حين أجرى الرشيد تنقلات إدارية بعد تقييم موسم الحج الماضي، بهدف تحسين الأداء وضمان انسياب العمل. وهو إجراء طبيعي لأي مسؤول.
لكن هذا القرار لم يعجب بعض الأطراف النافذة، فبدأت المؤامرات تُحاك ضده، انطلقت من جدة وانتقلت إلى الخرطوم، لتتحول القضية إلى حملة منظمة أطاحت بالرجل.

الرشيد واجه تحقيقات متكررة، وفي كل مرة كان يخرج منها مرفوع الرأس وبريئًا، لكنه ظل عرضة للاستهداف لأنه اختار طريق النزاهة والانضباط.

الرهان على قرار عقار

هنا يبرز دور مالك عقار الذي يعرف كفاءة الرشيد ويثق في قدراته. ومن المتوقع أن يتخذ قرارًا يعيد الأمور إلى نصابها، فالرجل عُرف بشجاعته وانحيازه للحق، ولن يسمح لأطماع الشر أن تنتصر على الكفاءات الوطنية.

تساؤلات جوهرية

هل يُعقل أن يحتفظ مسؤول ببرقية رسمية من الخارجية السودانية لأكثر من خمسة أيام دون تسليمها؟

هل من المقبول أن يتجاوز بعض النافذين البروتوكولات ليتدخلوا في شؤون لا تخصهم؟

هذه التساؤلات تكشف أن الأزمة أكبر من مجرد منصب، إنها معركة بين الحق والباطل، بين الكفاءة والأطماع. والقرار الآن في يد مالك عقار ليكتب الكلمة الفصل وينتصر للحق.