من قاعات الطب إلى ظلام الإدمان.. طالب يكشف أسرار “سوق المخدرات” داخل جامعة الخرطوم الحلقة الثانية من ملف “شباب على حافة الموت”

 

من قاعات الطب إلى ظلام الإدمان.. طالب يكشف أسرار “سوق المخدرات” داخل جامعة الخرطوم
الحلقة الثانية من ملف “شباب على حافة الموت”
بقلم / محيي الدين شجر

مقدمة السلسلة

في بلد أنهكته الحروب والأزمات، يزحف خطر آخر بصمت أشد فتكًا من الرصاص.. إنه الإدمان، الذي يغتال العقول قبل الأجساد، ويمتد كالأخطبوط بين المدارس والجامعات والأحياء السكنية، حتى تسلّل إلى بيوت طالما ظنت نفسها بعيدة عن هذا المستنقع.

هذا الملف ليس حكايات عابرة، بل شهادة حيّة على حرب خفية تدور في شوارعنا وقاعات دراستنا، ضحاياها شباب في مقتبل العمر، وأبطالها – للأسف – مروّجون محترفون يعرفون جيدًا كيف يصطادون فريستهم.

في “شباب على حافة الموت”، نفتح أبواب غرف العلاج ومراكز إعادة التأهيل، ونسير في الأزقة المظلمة التي تمر عبرها الجرعات القاتلة، لننقل لكم الحقيقة من أفواه الضحايا، ومن ملفات الشرطة والأطباء، مع قصص صادمة قد تغيّر نظرتكم تمامًا لما يحدث حولكم.

قصة طالب الطب.. حين تتحول الجامعة إلى سوق سموم

من بين جدران مركز النبوي للطب النفسي وعلاج الإدمان بعطبرة، يروي أحد الضحايا قصة تقشعر لها الأبدان.
هو طالب جامعي بكلية الطب بجامعة الخرطوم، دخل قاعات الدراسة ذات يوم يحمل أحلام الإنقاذ والحياة، لكنه خرج منها أسيرًا لـ”تجار الموت”.

يقول بصوت مثقل بالندم:

“في الجامعة، كانت المغريات تحاصرني.. أصحاب السوء يهمسون: جرب هذه، وستشعر بالراحة. شيئًا فشيئًا وجدت نفسي أشتري الجرعة الواحدة بثمانية آلاف جنيه، حتى وصلت لخمس جرعات يوميًا. المخدرات تباع في كل أزقة الجامعة، والمروجون طلاب وأشخاص من خارج الحرم الجامعي”.

 

لم يقتصر الانهيار على مستقبله الأكاديمي؛ فقد تحولت حياته إلى سلسلة من الصراعات العنيفة مع أسرته وأشقائه “بلا سبب”، كما يقول.
المدينة التي جاء منها – عطبرة – لم تكن أفضل حالًا، فالمروجون هناك “معروفون بالاسم” لكنهم يواصلون نشاطهم بلا توقف.

الطالب، وبعد أن وصل إلى حافة الانهيار، قرر أن يقاوم بنفسه:

“لم يجبرني أحد، ذهبت إلى مركز النبوي بعطبرة بإرادتي. وجدت رعاية لم أتوقعها، واليوم أقولها بصوت عالٍ: أنا نظيف من السموم ولن أعود أبدًا”.

 

هذه القصة ليست استثناءً، بل جزء من شبكة ظلامية تتحرك بحرية بين قاعات الدراسة وأزقة المدن، تدير تجارة الموت وتقتات على أحلام الشباب.
في الحلقات القادمة من هذا الملف، سنكشف تفاصيل أخطر.. عن كيف تدخل السموم إلى الجامعات، وعن الأسماء والشبكات التي تحمي هذا السوق القاتل.