كثير من سكان بورتسودان يموتون داخل منازلهم بسبب “الضربة الحرارية”.. ويظنون أنها “ضربة شمس”

كثير من سكان بورتسودان يموتون داخل منازلهم بسبب “الضربة الحرارية”.. ويظنون أنها “ضربة شمس”

تحقيق: سودان سوا

في ظل درجات الحرارة القياسية التي تشهدها مدينة بورتسودان مؤخرًا، بدأ كثير من المواطنين يعانون من أعراض خطيرة داخل منازلهم، تنتهي في بعض الحالات بالوفاة. ورغم الاعتقاد السائد أن السبب هو “ضربة شمس”، إلا أن الأطباء يؤكدون أن ما يحدث في أغلب هذه الحالات هو “الضربة الحرارية”، وهي أكثر خطورة، وغالبًا ما تصيب الإنسان حتى داخل غرف مغلقة، دون أي تعرض مباشر لأشعة الشمس.

ما الفرق بين ضربة الشمس والضربة الحرارية؟

يوضح الدكتور فرانك إربجوت، طبيب الأعصاب ورئيس مؤسسة الدماغ الألمانية، أن ضربة الشمس تصيب الدماغ مباشرة نتيجة التعرض المباشر لأشعة الشمس، بينما الضربة الحرارية تصيب الجسم كله نتيجة ارتفاع حرارة الجو المحيط، حتى وإن لم يكن هناك تعرض لأشعة الشمس. وهذا ما يجعل سكان بورتسودان عرضة لها حتى داخل منازلهم التي تتحول إلى “أفران حرارية” بسبب ضعف التهوية وغياب التكييف.

ضربة الشمس: خطر الرأس المكشوف

ضربة الشمس تحدث غالبًا في الأماكن المفتوحة، وتستهدف الرأس تحديدًا، خصوصًا لدى كبار السن، الأطفال، أو من لا يملكون غطاءً للشعر. وتتمثل أعراضها في احمرار الرأس، ارتفاع حرارته، تيبس الرقبة، الصداع، الدوار، الحساسية للضوء، والحمى. وفي بعض الحالات قد تصل إلى التهاب السحايا.

عند الاشتباه في ضربة شمس، يُوصى فورًا بإبعاد المصاب عن الشمس، تبريد جسده، رفع الجزء العلوي من جسمه، وتقديم السوائل له، مع الاتصال بالإسعاف في حال فقدان الوعي.

الضربة الحرارية: القاتل الخفي داخل الجدران

على عكس ضربة الشمس، تحدث الضربة الحرارية بسبب تكدس حرارة الجسم وفشل آلية الجسم في تبريد نفسه. يقول البروفيسور بيرند بوتيجر من الصليب الأحمر الألماني إن هذا التكدس يؤدي إلى انهيار وظائف حيوية، مثل الدورة الدموية وتخثر الدم، مما يُضعف تغذية القلب والكبد والكلى، وقد يؤدي إلى الموت.

أعراض الضربة الحرارية تشمل: ارتفاع حرارة الجسم، جفاف الجلد، تسارع نبض القلب، الغثيان، الدوخة، الإرهاق، وربما فقدان الوعي. وتحدث غالبًا في الأماكن المغلقة، كما هو حال العديد من منازل بورتسودان التي لا تتوفر بها وسائل تبريد كافية.

ماذا يجب أن نفعل؟

في حال ظهور الأعراض، يجب:

  • نقل المصاب إلى مكان بارد.
  • تبريد جسمه بمكعبات ثلج أو ماء بارد.
  • تقديم مشروبات باردة إن كان في وعيه.
  • الاتصال بالإسعاف فورًا.

ويؤكد أطباء الطوارئ أن الإنقاذ السريع يمكن أن ينقذ حياة المصاب، لكن تأخر التدخل قد يؤدي إلى مضاعفات قاتلة.

رسالة تحذير من بورتسودان

ما يحدث في بورتسودان ليس حالات فردية، بل أزمة صحية متصاعدة في ظل الانقطاع المتكرر للكهرباء، وغياب وسائل التكييف أو التهوية الجيدة. ما يُسمى بـ”القاتل الصامت” بدأ يحصد الأرواح، بينما تظل التوعية بطرق الوقاية والعلاج محدودة.

وما بين “ضربة الشمس” و”الضربة الحرارية”، يتعين على المواطنين والسلطات الصحية إدراك الفارق واتخاذ إجراءات عاجلة للوقاية، خصوصًا للفئات الضعيفة من كبار السن والأطفال.