حكومة الأمل” تنحرف عن الوثيقة الدستورية: التعيينات تعيد إنتاج المحاصصة وتقوّض وعد الكفاءات/ بقلم / محيي الدين شجر

“حكومة الأمل” تنحرف عن الوثيقة الدستورية: التعيينات تعيد إنتاج المحاصصة وتقوّض وعد الكفاءات
بقلم / محيي الدين شجر
في تناقض صارخ مع الوثيقة الدستورية المعدلة لعام 2025، والتي تنص صراحةً على تشكيل حكومة مستقلة غير حزبية، جاءت التعيينات الوزارية الجديدة التي أجراها رئيس الوزراء د. كامل إدريس لتكرّس مبدأ المحاصصة الحزبية والمسلحة، متجاوزة روح ونص الوثيقة التي منحت شرعية للمرحلة الانتقالية. بالرغم من انه صرح بعيد وصوله انه سيسعى إلى تكوين حكومة كفاءات..
وفجر الجمعة، أعلن إدريس عن تعيين خمسة وزراء جدد ضمن ما أسماها “حكومة الأمل”، ليرتفع العدد الكلي للوزراء المعينين حتى الآن إلى عشرة، من أصل 22 وزارة أعلن عنها سابقًا. لكن تركيبة التعيينات كشفت عن هيمنة واضحة للحركات المسلحة ورموز النظام السابق، في تراجع عن وعود سابقة بتقديم حكومة كفاءات مدنية مستقلة.
من بين الأسماء المعينة:
جبريل إبراهيم (العدل والمساواة) احتفظ بمنصب وزير المالية.
محمد كرتكيلا (الحركة الشعبية – جناح مالك عقار) احتفظ بمنصبه وزيرًا للحكم الاتحادي.
الجنرال بشير هارون (قائد بحركة تحرير السودان) عُيّن وزيرًا للشؤون الدينية.
عبدالله محمد درف (قيادي بالمؤتمر الوطني المحلول) وزيرًا جديدًا، رغم خلفيته السياسية الواضحة.
ويُشار إلى أن إدريس كان قد تعهد – في خطابه بتاريخ 19 يونيو – بأن حكومته ستكون بعيدة عن المحاصصة والترضيات السياسية، مشددًا على أن عملية التعيين ستتم “وفق معايير الكفاءة والخبرة والسمعة المهنية”، وموضحًا أن البلاد “تحتاج إلى رجال دولة، لا وجوه مألوفة تعيد إنتاج الأزمة”.
مخالفة دستورية واضحة
بحسب المادة (6) من الوثيقة الدستورية المعدلة لعام 2025، فإن تشكيل الحكومة الانتقالية يجب أن يكون “قائمًا على الكفاءة، مستقلًا، غير حزبي، وخالياً من التمثيل الحزبي المباشر أو غير المباشر”. لكن المعطيات الراهنة تكشف عن تجاهل واضح لهذا النص الدستوري، بما يضعف من مشروعية التشكيلة الجديدة.
ويرى قانونيون أن هذا التجاوز الدستوري قد يفتح الباب مستقبلاً أمام طعون قانونية أو سياسية في تركيبة الحكومة، كما يعمّق أزمة الثقة بين الشارع والسلطة الانتقالية.
العودة إلى مربع الأزمة
بالنظر إلى أسماء الوزراء المعينين حتى الآن، سواء في الدفعة الأولى أو الثانية، يتضح أن مكونات السلطة لا تزال تحكمها الاعتبارات التفاوضية، لا المصلحة الوطنية. وقد وصف مراقبون الأمر بأنه “عودة ناعمة للمحاصصة بثوب تقني”.
خلاصة:
بينما رفعت الوثيقة الدستورية سقف التطلعات نحو تشكيل حكومة تمثل قطيعة مع الماضي، تكشف التعيينات الأخيرة عن خيبة أمل مبكرة، وتضع حكومة كامل إدريس أمام تحدٍ دستوري وأخلاقي كبير. فهل يصحّ أن تُدار مرحلة انتقالية بمثل هذا التناقض بين النص والممارسة؟