الشهداء هم أنبل وأكرم بني البشر.

الشهداء هم أنبل وأكرم بني البشر.
مجدي عثمان
تمر بلادنا بمرحلة عصيبة، حرب ضروس وواقع هش يتكبد فيه المواطن البسيط الثمن الباهظ نتيجة للاحتراب والاقتتال الداخلي. تتصدى لهذه المحنة قوات الشعب المسلحة، بجميع مكوناتها الوطنية، من حركات مسلحة وعلى رأسها حركة العدل والمساواة، والقوات المشتركة، وقوى الإسناد الشعبي، وسائر التشكيلات العسكرية. جميعهم يخوضون حرب الكرامة، وقد روت دماؤهم الزكية تراب الوطن في سبيل الدفاع عن عزة وكرامة الإنسان السوداني، ومن أجل حماية قيمه وموروثه الأصيل، في مواجهة الفصيل المتمرد — قوات الدعم السريع — ومن تحالف معهم من خونة الداخل ومرتزقة الخارج وشركائهم الدوليين، ممن عاثوا في البلاد فساداً ودماراً.
وفي لمسة وفاء مميزة، نظّم شباب قبيلتي البني عامر والحباب فعالية تكريمية رائعة لأبنائهم الشهداء بحي القادسية في بورتسودان، مساء أمس. كان تنظيم اللجنة مثالياً، حيث تم إحياء ذكرى الشهداء ضمن سياق معركة الكرامة المستمرة، وبحضور جماهيري كبير. ورغم غياب ممثلين عن مجلس السيادة والوالي، فقد شرف الحفل المدير العام لهيئة الموانئ البحرية، المهندس المستشار جيلاني محمد، الذي يثبت دوماً جدارته بقيادة هذا المرفق الحيوي، ورافقه القائد الأمين داؤود قائد الأورطة الشرقية، وثلة من القادة والمواطنين المخلصين.
إن الشهادة أرفع مراتب العطاء، والشهيد هو الأكرم لأنه وهب روحه ودمه دفاعاً عن الوطن. هو الأصدق في حبه، والأشجع في إقدامه، والأوفى لقسمه، تحدى الموت ليحيا الوطن. والبني عامر كما يعرفهم الجميع، أهل فراسة وشجاعة وبأس عند الشدائد، يتوشحون بصفات المروءة والدين والتسامح، يصبرون على المحن، ويحفظون العهود، ويصونون الجيرة، وهم شركاء أصيلون في الوطن مع أهلهم من البجا وغيرهم من المكونات السودانية. لا يعتدون، ولكنهم يردون العدوان بردع شرعي لا يلوم فيه الخصم إلا نفسه.
وليس أدل على شجاعتهم مما قاله عنهم رئيس مجلس السيادة، الفريق أول عبد الفتاح البرهان، في سياق حرب الجنوب: “إن وجدنا متحركاً لا يضم بني عامر، نبحث عنه لنضمن وجودهم فيه، فهم أهل نصر أو شهادة.” يشهد لهم التاريخ في معارك الجنوب، وفي طوكر وكسلا، بل وفي دحر الأحباش خلف نهر سيتيت، وفي المهدية، حيث قارعوا الغزاة حتى كادوا يفنوا دون ترابهم.
نسأل الله أن يتقبل شهداء الوطن، ويمنّ بالشفاء العاجل على جرحانا ومصابينا، ويعيد الأسرى والمفقودين إلى ذويهم سالمين. ونتطلع لأن تنقشع هذه الحرب الجائرة، ويعود السلام والأمن لربوع وطننا الحبيب. فلنرتقِ فوق الجراح، ونبني وطن العدالة والمساواة، تحت راية الحكم الرشيد والفيدرالية الحقيقية، بعيداً عن أمراض الماضي من محسوبية وعنصرية.
ونسأل الله أن يوفق رئيس وزرائنا في استكمال حكومته بما يرضي الشارع ويعبر عن تطلعات من ضحوا وصمدوا من أجل الوطن، وفي مقدمتهم الدكتور جبريل إبراهيم ورفاقه من المخلصين، الذين قدموا أداءً مشرفاً يليق بوطن عظيم. لقد أسدوا للوطن يداً سلفت، وآن الأوان لرد الدين المستحق.