صراع المكاسب… وخطر تفكك الوطن!” بقلم: محيي الدين شجر

صراع المكاسب… وخطر تفكك الوطن!”
بقلم: محيي الدين شجر
في ظل الأزمة الوطنية الكبرى التي يعيشها السودان، لم يعد مقبولاً الاستمرار في عقلية المصالح الذاتية والحزبية الضيقة.
على جميع المكونات السياسية والعسكرية أن تتجاوز خلافاتها ومكاسبها الآنية، وأن تضع نصب أعينها هدفًا واحدًا:
بناء دولة المواطنة والعدالة… دولة تتسع للجميع… دون تمييز ولا إقصاء.
إن ما يجري اليوم من سباق محموم نحو الوزارات والمناصب، وخاصة من قبل بعض الحركات المسلحة التي تطالب علنًا بوزارات بعينها، نظير انحيازها العسكري للجيش في معركة الوطن… هو أمر مقلق وخطير.
الأخطر من ذلك… أن بعض المستشارين التابعين لهذه الحركات، بدأوا في بث خطاب جهوي حاد، يصور الأزمة وكأنها صراع بين “الجلابة” وغيرهم… وهي مفردات مليئة بالسموم… تعيدنا إلى مربع الفرز العرقي والجهوي… وتغذي دعوات التمزيق والانفصال.
وما يزيد من قتامة المشهد… هو ظهور خطاب جديد يتبناه البعض في الشمال والوسط، يتحدث صراحة عن فكرة “دولة البحر والنهر”… كخيار بديل في حال استمرار الاستهداف الجهوي واللغوي الذي تمارسه بعض القوى المسلحة.
هذه اللغة… وهذه المفاهيم… هي مقدمة واضحة لانهيار فكرة السودان الواحد.
الأزمة السودانية الحالية ليست بين “جهة” وأخرى… وليست حربًا بين “الجلابة” وغيرهم… بل هي … أزمة عدالة وتوزيع حقوق… أزمة غياب مشروع وطني جامع.
على الجميع أن يدرك أن المشاركة في الحرب دفاعًا عن الوطن… لا تعطي الحق لأي طرف لابتزاز الدولة سياسيًا… ولا يجب أن تتحول رصاصة الدفاع إلى ورقة تفاوض للحصول على وزارات أو أموال.
ومن المؤسف أن رئيس الوزراء الجديد، الذي جاء برؤية إصلاحية متقدمة… سيجد نفسه في كماشة من الضغوط… من حركات مسلحة تطالب بالمزيد… ومن كيانات جهوية تراقب الوضع وتلوّح بخيارات خطيرة… ومن شارع سوداني بدأ صبره ينفد.
ورغم أن المجلس السيادي حاول إبعاد رئيس الوزراء عن صراعات الترضيات من خلال تعيين شخصيات من الشرق وجبال النوبة… إلا أن طوابير المطالب الجديدة بدأت تتشكل… من مسارات الشمال والوسط… إلى مليشيات مثل قوات أبو عاقلة كيكل وكتائب البراء وغيرهما من القوى التي قاتلت إلى جانب الجيش.
حتى الحركات المسلحة التي أظهرت في البداية التزامًا مثل حركة عبدالله يحيى وعضو السيادي رصاص… قد لا تبقى بعيدة عن سلوك المطالبة بنصيب من الكيكة… إذا شعرت بأن الابتزاز السياسي صار مجديًا.
والمحصلة… أن السودان يسير نحو مزيد من الانقسام السياسي والجهوي… والحديث المتزايد عن “دولة البحر والنهر” في الشمال والوسط ليس مجرد مزحة… بل هو مؤشر خطير على حجم الغضب الشعبي من تفاقم لغة الاستقطاب الجهوي.
اليوم… السودان أمام مفترق طرق حقيقي:
إما أن نتوحد لبناء دولة المواطنة والكفاءة والعدالة…
وإما أن نمضي في طريق الابتزاز والمساومات… حتى نصحو ذات يوم على واقع جغرافي وسياسي جديد… لا يشبه السودان الذي نعرفه.
السودان يسع الجميع… فقط إن قرر الجميع العيش فيه… كمواطنين… لا كغنائم في ساحة حرب!