*مذيع قناة الجزيرة يحرج مستشار مليشيا آل دقلو بتقديم الادلة في مجزرة غرب امدرمان واستهداف المدنين ومحولات الكهرباء*

متابعات : دكتور/ محمد تبيدي

في مقابلة مع قناة “الجزيرة مباشر” أجراها المذيع أحمد طه، نفى مستشار بارز في مليشيا آل دقلو المُتمردة أنه قد تمّ تصفية أسرى حرب على أيدي مليشيا الدعم السريع، وزعم أن الضحايا كانوا عناصر “عسكرين يتبعون لجيش البرهان حسب قوله ”، وأن ما جرى هو “إجراءات عسكرية قانونية ضدّ اسري في حرب”، نافياً بذلك ثبوت أي جريمة تصفية للأسرى وفقاً لوجة نظره وبجهله باتفاقيات الأسرى .

كما أنكر المستشار أي علاقة لمليشيا الدعم السريع بهجمات على البنى التحتية في الولايات الشمالية ومحطة مروي للطاقة، مُحمّلاً الجيش الحكومي مسؤولية كل انقطاع في التيار الكهربائي، وقال إن “المعارك لا تستهدف المدنيين ولا المحطات الحيوية” .
وثّقت جنود مليشيا الدعم السريع المُتمردة مذبحةً في حي الصالحة بأم درمان، قتل فيها 31 شخصاً بينهم أطفال، بعملية تصفية ميدانية، ما ينسف تماماً رواية “الإجراءات القانونية العسكرية” التي يروّج لها المستشار وحقوق الأسرى والمواطنين، غير ان ماتفعله مليشيا آل دقلو المُتمردة في الفاشر جريمة يحاسب عليها القانون الدولي ، ويعد قصف مليشيا الدعم السريع أحياءً مدنيةً مما أسفر عن قتل أسر، وإصابة مدنيين ومتطوعين في معسكرات النازحين. واستهدف قصفٌ بطائرات مسيرة مدينة الدبة شمال البلاد، فقتل أفراد من أسرة واحدة وأصاب آخرين .
تشير تقارير مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة إلى أن محطة مروي تعرضت لقصف بطائرات مسيّرة في 28 فبراير 2025، مما تسبب في انقطاع شامل للتيار عن ولاية نهر النيل، فيما أكدت صور الأقمار الصناعية تدمير عدة محطات تحويل رئيسية تمّت في يناير 2025 .

نطالبة مفوضية حقوق الإنسان والأمم المتحدة بفتح تحقيقات مستقلة تعاظمت، فيما طالبت دول غربية وأبرزها الولايات المتحدة بمحاسبة جميع الأطراف على خلفية “انتهاكات جسيمة للقانون الدولي الإنساني” منذ اندلاع النزاع في 15 أبريل 2023، الذي خلّف عشرات الآلاف من القتلى وملايين المشردين داخلياً وخارجياً .

في هذا الحوار بدا جليّاً التناقض بين روايتين متنافرتين، وعكست مجريات النقاش النقاط التالية:

لجأ مستشار “آل دقلو” إلى نفي التهم بشأن تصفية الأسرى واستهداف المحطات، معتمداً على صياغة قضائية (“عسكرين متمردين” و”إجراءات قانونية”) ليحجب أي ارتكاب لجرائم حرب.

حاول تحويل الاتهامات إلى ممارسات للجيش الحكومي، وإلصاق مسؤولية انقطاع الكهرباء به، في محاولة لبث الشك حول مصداقية الشهود والمنظمات الحقوقية.

لم يكتفِ الأستاذ أحمد طه بالقول، بل استند إلى فديهات، وصور أقمار صناعية، وتقارير مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة، لمنع الحوار من أن يتحول إلى “اتهامات لا دليل عليها”.

حرص المذيع على إعادة طرح الوثائق أمام الضيف، ما أجبره مراراً على التراجع عن بعض النقاط أو التهرب منها تحت ضغط الأدلة.

سعى المستشار إلى تصدير صورة جيده عن مليشيا تقتل وتنهب وتغتصب وتشرد وفشل في تصوير ذلك بعد نشر انتهاكات مليشيا الدعم السريع المُتمردة واستخدام طه لعبارة “مذبحة” و”تصفية ميدانية” أمام الضيف، نسّفت الحجة خطوة خطوة.

برهن الحوار على أن الاعلام الاستقصائية قادرة على مواجهة روايات إعلام المليشيا المُتمردة بالدليل والوثيقة، ولا تكتفي بالإعلانات المتكررة أو الكلمات الرنانة.

أظهر نص الحوار أهمية إثارة المساءلة: ما بين نفي المستشار وتفنيد طه الدقيق، كُشف للمشاهد أن اللجوء إلى التحقيقات الدولية صار ضرورة ملحّة.

هذا النقاش ليس مجرد تبادل اتهامات، بل موقِع صدام بين منطق “التبرير” الذي يعتمد على النفي والتشويش، ومنطق “الصحافة القائمة على الحقائق” التي تقود الرأي العام إلى المطالبة بالتحقيق والعدالة. أظهر الحوار أيضاً أن مصداقية وسائل الإعلام في رصد الانتهاكات وضغطها على القائمين عليها يمكن أن تصنع فارقاً حقيقي .

وانا سأكتب للوطن حتى أنفاسي الأخيرة