محمد طلب يكتب : *مكعبات الحلو مر المغلفة*

مثلما ينشغل اهل السودان في مثل هذه الايام و علي وجه الخصوص السيدات المتبقيات من كبار السن بموضوع الابري او (الحلو مر) سوف اكون مشغول بذات الموضوع عبر سطور مقالات بنكهة (حلو مر ) ولسعته وسوف يكون التغيير في ترويسة المقال وعنوانه بالامس كان العنوان *(مكعبات الابري المثلجة)* في عنوان اليوم ظلت المكعبات بموقعها وجعلنا (الحلو مر) بديلاً للابري فهما ليس اسمان لذات المسمي ويختلفان بدرجة ما (نوضحها لاحقاً في نهاية المقال) و بدلاً عن (المثلجة) وضعنا (المغلفة) لان التغليف يناسب (الحلو مر) في رحلة تطوره والتيىكانت مشروعي قبل الحرب …
و حقيقة الامر ان (الحلو مر) قد تطور في مرحلة ما الي (الابري) وكما تحدثت لكم بالمقال السابق عن اهمية التغيير والخروج عن النمطية وابتداع طرق جديدة في الصناعات البسيطة ترتقي بها وتجعلها اكثر سهولة …
فالحرمان من الابري خلال هذه الحرب تعلمنا منه ان صناعة الابري بالطريقة التقليدية يحتاج الاستقرار الكبير والحيشان الوسيعة والعمالة حيث يكون من الصعب جداً (عواسة جردلين ابري) في شقة غرفتين وصالة او (جردل واحد) بشقة غرفة وصالة بالفيصل او المهندسين او حتي ارض اللواء بجمهورية مصر العربية او استديو بدبي او غرفة (بستي تاور )بعجمان او بناية (النايلي10) في ابوشغارة بالشارقة او حتي بنايات (البراحة و فربج مرر) لان عواسة الابري تحتاج البراح والوساع و (روقة السودان) لذلك تناولنا موضوع محاولة صناعة تغيير نوعية في (الابري) لمواكبة التغيير وضروريته في الحياة بشكل عام وهو امر ممكن جداً و بكل بساطة لكننا ربما تعودنا علي رفض التغيير والنقد السالب لكل محاولة (لصناعة تغيير)…
والمتاريس الاعلي تكسب الجولة…
تفنن اهل الخبرة في استخلاص النكهات والالوان ثم اضافتها للعصائر التي لم تر (العصر) اصلاً وانت مغيب (تنتح اح ح ح ) وتضع الكوب فارغاً وتردف (منقة رهيبة ) في حين ان المنقة لم تزرع اصلاً ناهيك ان تقطف ثمارها وتقطع وتخلط بالخلاط حتي تصل مرحلة (اححح منقة رهيبة) والشغلانة كلها (موية زرقة) زائد لون بنكهة المانجو و بس …(اما بس هذه فقد ظلت معضلة دائمة) لا نعرف التخطيط والاجابة علي الاسئلة العالقة و ثم ماذا بعد؟؟
في هذه الايام بالسودان الجميل وليس سودان الحرب والدمار تتعبق الاجواء في القري والارياف برائحة (الابري) ونكهته المميزة و اجمل( ابري) يمكن شرابه وتذوقه علي الاطلاق هو (ابري التجربة) او (الابري الفريش) الذي يتم (بله و جقمه )اثناء العواسة و حرارة (الدوكة)في ذروتها …
كنا ونحن اطفال غاية متعتنا في (كورة ابري) اثناء تجمعات( العواسة) بين سيدات عواتق زينتهن الشلوخ والشموخ والحياة التكافلية ونفير (الكوجين) الذي يسبق العواسة بيوم,(الليلة الوقفة و بكرة العيد) فحقيقة ان عواسة الابري تجعل رمضان بين عيدين (عيد العواسة وعيد الكواسة) بتلك الأيام الجميلة
لا علم لي بكيفية استخلاص النكهات ولا اظن انه قد مر بدماغ وخيال سوداني انه يمكن استخلاص (روح الابري ) لان السوداني اصلاً (روحو مارقة) و يستسهل الامر ان خطر بباله فيسلمه الصين و يهتف (الروس والامريكان ليكم تجهزنا) ربما تجهيز ليصنع صراعاً ومنافسة بين روسيا والصين او الثلاثة حول نكهة (البحر الاحمر )بسم الله اقصد (الابري الاحمر) عموماً اضع السؤال التالي هل من الممكن استخلاص نكهة الابريه؟؟ وكيف؟؟؟
ربما تظهر مصر و تنسب امر اساسا (للكشري)و صحن (الباشري) ونصدقها …
فات عليّ الاشارة الي ان السودان الجميل ليس من بلدان (العصِر و المصر ) لكنه تميز ب (مشروبات البل) مما يعني ان مصطلح (البل و الجقم ) التي تميز بها عن بقية بلدان الدنيا لم ياتي من فراغ فمعظم المشروبات الشعبية الاساسية في السودان مع الابري نجد (القنقليس) او (التبلدي) وكذلك (الكركدي) و معهم (العرديب) واخريات جميعها من (مشروبات البل والجقم) ورغم انها مشروبات غير روحية لكنها قد تأتي احياناً (بروح الموز)…
بقي ان تعرف عزيزي القارئ ان (الحلو مر )هو سابق (للابري) الذي تتم عواسته مثل الكسرة لكن الطرقة قوامها ثخين وبعد نضاجها علي النار تطبق بشكل معين لتجف وتخزن لأطول مدة ممكنة …
اما الحلو مر فقد كانت طريقة صناعته من نفس المواد و بذات التركيب إلا انه يطبخ مثل العصيدة ويتم تقسيمه و تدويره في شكل كرات تشبه كرات (الدلكة) اكبر منها حجما ويترك ليجف ويتم الاحتفاظ به لرمضان و (الحلو مر) عجينه خمير به لسعة و سريع الذوبان عند اضافة الماء والسكر يكتسب طعمه الحلو من السكر و المر من عملية التخمير ولسعته…
احس ان هذا المقال ايضا بطعم (الحلو مر) و به لسعة
وهذا يذكرني بمرض من الامراض الجلدية بالسودان يسمونه (الحنكلو اب حكاً حلو) لان حكه تصحبه لذة تدعو لمزيد من الحك …. ابتسم انها الحالة السودانية التي ظلت تلازمنا وتختلط فيها الاشياء المتناقضة في كل المجالات…
سلام
محمد طلب