محمد طلب يكتب : *مكعبات الابري المثلجة*

يبدو العنوان غريباً ولا ينتمي للواقع السوداني او ربما هو مجرد (حنكشة) مثل قول احدي المذيعات (المتحنكشات المجلوخات) في تصنيفها للابري الي( ابري ابيض و ابري اسمر) وهي تقصد (الابري الاحمر) الذي سوف يكون موضوع حديثنا و ربما يكون هذا العنوان مزعجاً لبعض (الحبوبات) او من عرفوا الابري الاحمر (طرقة طرقة) وكان صاحبهم في الحل والترحال و في الحرب والسلام اما علاقة الابري بالمغتربين فهذه (طرقة) اخري او طُرفة اخري ايهما اردت فحكاوي المغتربين مع الابري وطرائفه كثيرة كما انه اي (الابري) يُعد من اكبر (المبلولين) في حرب (البل) هذه بسبب (عدم بله) او قلته في رمضانات الحرب( السودانية السودانية)… و من اغرب ما سمعت في هذه الحرب ما قالته احدي الحسناوات المغتربات بمهجرنا القسري في رمضان الفائت وهي تدعونا للافطار قائلة ( ح اعمل ليكم عصير ابري ظريييف) وهي المرة الاولي التي اعرف فيها ان الابري (ضاق العصِر) مثلنا و ترك (البل) في عصر (الجقِم)
و ذات غرابة العنوان اعلاه تجعلني اتامل غرابة شعب السودان ورفضه بل كراهيته (لصناعة التغيير ) و تحجيم قدرات الابداع في كل مناحي الحياة السودانية دون مبررات بل وخلق اعذار دينية واخلاقية لا وجود لها اصلاً لتمنع التغيير و اعتراض طريقه تماماً
رمضان علي الابواب و في مثل هذه الايام وقبلها بكثير في الحياة السودانية معظم الحديث وحركة المجتمع هي (الابري) خصوصا في القري والارياف و حتي الحواضر
يكاد الابري ان يكون الماركة المسجلة السودانية الوحيدة
و اذا تاملنا القصة التي تُحكي عن صناعة الابري و كيفية بدايتها ان صحت فهي فكرة عبقرية اعتمدت اعادة التدوير و عدم اهدار الموارد والخروج بمنتج جديد للحياة السودانية ومناسباتها فالفكرة الاساسية كما تقول القصة (عيش ذرة) اصابه خراب ونبّت زرعاً نتيجة الرطوبة و(البل) وبدلاً عن الاستغناء عنه و رميه نتجت فكرة طحن (الزريعة) وعواستها كما هي و التي مثلت بداية ظهور الابري الذي يعشقه اهل السودان بدرجة عالية مما يعني ان الابري نفسه كان (صناعة تغيير ) للنمط السأئد (للعواسة) والخروج بها من المأكولات للمشروبات لكنها (اي صناعة الابري) ظلت غير قابلة للتطوير وثباتها علي ما استقرت عليه لعقود طويلة
بعد اندلاع الحرب (السودانية السودانية) في اواخر شهر رمضان و بعد مضي سته شهور قبل توسع رقعة الحرب وانحصارها بالعاصمة كنت قد بدأت في مشروع تغيير صناعة الابري بعد ان طرحت الفكرة علي رجل مبدع اسمه (عبد الرحبم محمد عثمان) الذي لا ادري اين هو الان ..
وكانت فكرة المشروع هي صناعة التغيير علي مراحل نبدأ بموضوع (الزريعة) وحتي الوصول الي (مكعبات الابري) المغلفة و بدأت بطرح اسئلة علي نفسي اهمها لو كان هذا المنتج صيني الي اين كان سوف يصل الان ؟؟
وبدأت في التفكير وافتراض الاسئلة واهم سؤال كنا سوف نحصل علي اجابة عليه هو لماذا الزريعة حصراً علي الذرة ؟؟ الا يمكن ان تُصنع من القمح؟؟ مما قد يوفر ويقلل مراحل (العواسة) بتخطي مراحل (الكوجين) و ربما تغيير في الشكل واللون وقررت مع صديقنا المبدع (عبد الرحيم )الشروع في الامر وكنا قد بدأنا فعليا في شراء الذرة وبعض القمح (للتجربة) و التجهيز للعملية إلا ان مداهمة الدعم السريع لمنطقة العيلفون بعد يومين من (بل) عيش (زريعتنا) و لم يُكتب للفكرة النجاح
الان في مهجرنا القسري اري حركة لبعض الافراد لصناعة الابري بطرق جديدة لعدم وجود (الدوكة) والحطب و(تعليب) نيران العواسة…..
ليظل السؤال القائم هل يمكننا الوصول الي مكعبات الابري وتعليبها …
كما ان القضية الاهم اين هي المرأة السودانية من كل هذا ؟؟ وبما ان اكتشاف الابري منسوب لإمرأة سودانية فأين المرأة السودانية من صناعة التغيير ؟؟
والي متي نظل شعب نمطي و مقيد بالسائد وسيادته الكذوبة ؟؟؟
والمرأة هي من تصنع التغيير في مجتمعاتها…لكن (العوين الله يدهن العافية)
سلام
محمد طلب