محمد احمد مبروك / سطور ملونة : العجب في خطورة حديث البرهان

سطور ملونة
العحب في خطورة حديث البرهان
عجباً ثم عجباً من حديث بطل معركة الكرامة والقائد المحنك لجيش السودان الذي وجد الرضا والقبول من شعب السودان بأجمعه !!!
عجباً من حديث لا يشبهه ولا يليق بحكمته يهوي به الى الخطأ في تقدير الأمور ..
بينما لا يزال هذا القائد العظيم وجنوده يحملون البندقية ويخوضون معارك شرسة التف فيها الشعب حوله من كل الفئات والتوجهات السياسية لتحرير البلاد من أوباش البغاة المجرمين ولحماية الوطن من الضياع وللذود عن الأرض والعرض والهوية !!!
بينما لا يزال الخطر محدقاً والمؤامرة الهائلة قائمةً يوجه هذا القائد العظيم نصالاً حادة إلى أكبر وأقوي الفصائل التي قاتلت الأعداء في صف جيشه الباسل العظيم ومهرت الأرض بدماء عزيزة دفعتها دون شرط أو قيود أو مطالب أو مطامع سوي أن يسلم الوطن من الضياع أو يتعرض الجيش للإنكسار !!!
ما المراد من هذا الحديث في هذا الوقت العصيب ؟؟ هل يراد منه أن تضع هذه الفئة السلاح وتنسحب بينما المعركة الآن تتطلب بألحاح وجودهم كجنود مشاة يمثلون القوة الأساسية اللازمة لعمليات تصفية لا يمكن أن تتم إلا بجنود المشاة الذين يقاتلون رجلاً لرجل .. ويتحملون الخسائر في دماء جنود الجيش المحترفين بدمائهم هم !!!
وعجباً من حديث يتجلى فيه ازدواج المكاييل والمعايير في القائد الذي يقول إن الفيصل في الحكم بعد الحرب سيكون بصناديق الانتخابات واختيار الشعب ثم يقرر في نفس الوقت إقصاء فئة من الشعب لم تناصر البغاة المعتدين ولم تهادن ثانيةً واحدةً في مناصرة جيش وطنها الأبي ولم تلون مواقفها لحظة !!!
بينما يؤكد في سابق حديث أنه يقبل توبة من ناصروا أعداء الوطن وارتكبوا أفظع جرائم الحرب والأخلاق وآذوا الأبرياء وسفكوا دماء الشعب والجيش !!!
وعجباً بلا حدود في صعوبة تفسير حديث عن تقسيم كيكة السلطة بما يوحي بالخوف من أن يتسنم الإسلاميون السلطة وتضيع على هذا القائد العظيم أحلام بالسلطة كان يتمناها .. بينما الظن أن هذا القائد إنما قاد معركة الكرامة أداء لواجب الجندية بلا أطماع شخصية مما جعله مؤهلاً لتسنم ذروة الحكم بلا منازع !!! ولماذا يهوي من هذه المكانة العظيمة إلى هاوية الأطماع في الحكم وموالاة أعداء الوطن وبغاث الكيانات التي لا جناح ولا مخلب ولا ناب لها !!!
عجبٌ يقتل من سوء تقدير لرجل محنك كان ينبغي أن تصقله تجربة الحرب الضروس فيعلم أن هذا الفصيل من فصائله النظيفة القوية أصحاب شوكة فولاذية عصية المكسر كانت وقود معاركه ومصابيح ظلام الأيام السود وهي التي ستفيد في مقبل المعارك وعند تجدد المؤامرات .. وهي القادرة على سنده لنظافة البلاد وإعادة الإعمار وخوض معارك البناء ..
عجباً من الأسئلة الحرجة التي فجرها هذا الحديث :
هل كانت أهداف القائد البرهان من كل ما قام به هو مائدة الحكم بعد الحرب وتاج الملك والسلطة بعد وضع السلاح .. بينما كان الظن هو أن ينهي الأمر بتسليم السلطة للشعب عبر صناديق الإنتخابات ليحكمه من يختاره ويذهب هذا القائد إلى التقاعد كجندي أدي واجبه وأنهى خدمته ليجلس في مقاعد البطولة وفي سجلات التاريخ البيضاء .
وإذا كان صادقاً في تسليم السلطة بالإنتخابات فما معنى القرار بإقصاء فئة من الشعب لها حظها من الفشل أو النجاح في صندوق الانتخابات . وبأي حق يقصى قائد الجيش هذا أو ذاك ..
وهل معزوفة حكومة المؤتمر الوطني السابقة تعفي هذا القائد من الإنتساب إليها وقد كان جزءاً أصيلاً منها منذ كان ضابطاً صغيراً حتى وصل أعلى الرتب وكان جزءاً من مصفوفة رئيس دولة الانقاذ المباشرين حتي يوم سقوط حكمه !!!
ليت البرهان يعتبر حديثه رصاصةً طائشةً وناراً صديقةً جرحت مقاتلاً من مقاتليه . ويأسو من جرح ويعمل معايير العدالة ويعيد الأمر إلى نصابه .. ولا يساوي بين من شارك الأوباش البغاة المتمردين وبين من كان سنداً وناصراً للجيش ودافع عن الوطن وقدم ماله ودمه نظيفاً دون قيد أو شرط .
وليته ينصرف لتصفية بقية الحرب ولا زال الخطر كبيرا وقائما ولا زالت معارك ضارية تنتظره تحتاج إلى وحدة الصف وإلى قوة ضخمة .
وليته يزداد تركيزاً في القيام بدور الأبوة بتضميد الجراح وتسكين النفوس وبث الطمأنينة .
وليته وليت شعبنا يستلهم عبر التاريخ في أن الأبطال الذين يقودون معارك التاريخ يجب أن ينتهي دورهم بتحقق هدف التحرير ولا يتولوا الحكم فيفشلوا لان لكل مهمة شخص يناسبها . وقد فشل قادة تحرير أفريقيا في الحكم فهوت دولهم الى قاع التخلف ودونكم نكروما ونايريري وحتى أسماعيل الأزهري وغيرهم !!!
وليته يتجنب الانتكاسة والخسارة بعد الكسب والهزيمة بعد النصر فالخطر في الحرب الان كبيرة جداً .. وحتي لا يغادر الرماة أماكنهم مكرهين !!!
وأهم من كل ذلك ليت المؤتمر الوطني يتغاضى عن هذا الحديث ويترفع عن الانزلاق بالحديث عن السلطة وأطماعها او الإنجرار وراء الرد على الذين سيجدونها فرصة لإعادة دولاب الفتنة وإسعار الحرب بين مكونات الشعب مستترين خلف تأييد حديث البرهان .
يبقى سؤال موجه للأذكياء فقط وهو :
لماذا كان الهدف الأول والأساسي للبغاة المجرمين المتمردين وسادتهم من الدول المعادية وأنصارهم من الأحزاب العميلة لماذا كان أكبر الأهداف هو حرب (الفلول) و(الكيزان) و(الإسلاميين) . وهو الهدف الذي لقنوه لكل جنودهم وحاربوا من أجله حتي هلكوا جميعهم .
ابحثوا في سجلات المؤتمر الوطني لن تجدوني عضوا فيه أو حتى شريكا فى فعالياته أو حاصلا على مال أو وظيفة أو أي امتياز بل ستجدون العكس رغم أنني الآن أجدهم الأفضل على الإطلاق !!!!
محمد أحمد مبروك