من قلب الحرب .. تحية لكل مواطن سودانى باسل

من قلب الحرب .. تحية لكل مواطن سودانى باسل

الحرب ربما كانت مساوئها أكثر من محاسنها ، ورغم أنها فاجاتنا ، الا أننا يجب أن نقف عند المواقف الصامدة التى أبداها الانسان السوداني منذ اندلاع الحرب وحتى الآن ، فقد تعرض إلى كل أنواع الظروف التى لم يتخيل في يوم أنه يمكن أن يتعرض لها ، وبرغم ذلك ابدى صمود وشجاعة لم يسبق لها مثيل ، وتحمل مشاق وظروف المعيشة القاسية بابتسامة ، كما حاول جاهدا تسيير أمور حياته ( من العدم ) مع العلم أن أغلب الأسر التى لازالت تعيش في مناطق الحرب أصبح رب الاسرة فيها عاطل عن العمل ولا يملك مصروف ليعيش أسرته ، حتى الأسر التى تمتلك اعانات خارجية سواء من الأبناء أو الأقارب تعانى ماديا ، برغم كل ذلك فالإنسان السودانى لازال يحاول جاهدا أن يصنع مستقبلا له من ( اللاشئ ) ولازال متفائلا بأن الحياة مستمرة وأنها يجب أن تتقدم ولا تتوقف عند هذه النقطة السوداء ، ومن هنا انطلق باحثا عن بديل لما فقد من وظيفة وراتب وبدأ رحلة بحث جديدة عن عمل يوفر له قوته حتى لو كانت أعمال صغيرة لا تضاهي عمله السابق فنسمع مثلا أن معلم أصبح يعمل بائع في سوق أو أن طبيب أصبح يعمل لدى تاجر في أحد الدكاكين ، ولا ننسى النساء الموظفات وربات البيوت اللائي اقبلن لمساعدة أزواجهن واسرهن عن طريق المشاريع الصغيرة مثل عمل المخبوزات وغيرها ، وبرغم أن هذه الأعمال قد لا تمكنه من العيش كما كان قبل الحرب ولكنها محاولة باسلة منه ليقف أمام الحرب ويخبرها انه لازال يقاتل بكل ما اوتى من قوة ويخبرها انه منتصر حتى لو استمرت الحرب .
ولا ننسى أن نذكر الاسر التى اجبرتهم الحرب للنزوح من مناطقهم إلى مناطق اخرى داخل او خارج مدينتهم ، فرغم المشاق التى تحملوها اثناء سفرهم وبالرغم من ان اختلاف البيئة والمناخ من مكان لاخر قد اثر على صحتهم وعرضهم لكثير من المخاطر والأمراض ( خاصة الاطفال ) الا أنهم تحملو كل ذلك ماضين إلى أماكن آخرى بحثا عن حياة جديدة قد لا تضاهي حياتهم السابقة ولكنها رسالة واضحة بأن الحياة لازالت مستمرة في كل مكان ، وقد دعمهم في ذلك أن العادات السودانية متشابهة وان الإنسان السوداني مستعد لتقبل كل أشكال الحياة داخل السودان طالما انه يتحدث نفس اللغة ويتشارك نفس الثقافة ، اضافة الى أجواء الألفة والتأخي والتضامن والكرم التى وجدوها من سكان المناطق التى نزحوا اليها فالانسان السودانى كريم في اصله وطباعة وسهل المعشر ، كل ذلك جعلهم يتناسون انهم نازحين وأنهم يعيشون وسط أهلهم وأن أمر نزوحوهم هو مجرد انتقال من مكان لآخر كما أن البعض استنكروا كلمة نزوح واستبدلوها بكلمات آخرى مثل ( وفود ) أو ( انتقال ) او كما في عاميتنا ( رحول ) والبعض اعتبر سفره إلى مناطق آخرى كأنه رحلة لاستكشاف مدن السودان التى لم يتخيل في يوم انه سيزورها ، وأكثر من ذلك فإن المناسبات والأفراح والجلسات الاجتماعية والزيارات والتجمعات الاسرية لازالت مستمرة بنفس ملامحها وجودتها وروحها .
وفي ختام هذا المقال أود أن أرسل تحية لكل مواطن سودانى صابر وصامد عاش في مناطق الحرب واحتمل ضيق المعيشة واقبل على الحياة بكل حب وابتسامة وحاول جاهدا أن يغير الواقع الذي فرضته عليه الحرب إلى واقع افضل .

مع الشكر
آية صلاح التوم من الله