من قلب الحرب آية صلاح التوم من الله تكتب : بادرة لطيفة من شركة الكهرباء .. ولكن ؟!

من قلب الحرب آية صلاح التوم من الله تكتب :
بادرة لطيفة من شركة الكهرباء .. ولكن ؟!
منذ إندلاع الحرب قامت شركة الكهرباء السودانية ببادرة لم تسبق لها أبداً في السودان ، وأصدرت بيان عن طريق شبكات التواصل الإجتماعي للمواطنين بإيصال الكهرباء في المنازل مباشرة من عمود الكهرباء أو كما نسميها في عاميتنا ( الجبادات ) ، وذلك بسبب عدم قدرة الشركة على بيع الكهرباء عن طريق منافذ البيع ، هذه البادرة اللطيفة خلقت علاقة ود والفة وصداقة بين المواطنين والشركة بعد إحتجاجات طويلة دامت من قبل المواطنين على غلاء أسعار الكهرباء في الفترة ما قبل إندلاع الحرب وجعلت البعض ينسى السبب الرئيسي وراء مجانية الكهرباء في هذه الفترة وإرجاع السبب إلى أن الشركة قد وقفت مع المواطن وقفة بطل وهي تعلم أن المواطن أصبح لا يملك قوت يومه ولا يستطيع ان يوفر المال لشراء الكهرباء والخدمات الاخرى ، وبعد أن دامت هذه الخدمة طول هذه الفترة تناقلت شبكات التواصل الاجتماعي بعض الأخبار بأن الشركة ستقوم بالعودة لخدمة شراء الكهرباء عن طريق منافذ البيع وعلى المواطنين أن يقوموا بفك ( الجبادات ) والعودة لشراء الكهرباء مرة اخرى ، ولكن المواطن لم يبدى اي إهتمام بهذا الخبر وإستنكر أن تقوم الشركة بذلك إلى أن قامت شركة الكهرباء بتنبيه بعض الحارات بذلك ، أخبرتنى أحد الجارات في الحي – وهي وافدة من حارة اخرى – بأنها قامت بزيارة إلى منزلها بعد أن قررت هي وأسرتها العودة إلى المنزل بأنها قد سمعت إمام الجامع بالحي يذيع تنبيه شركة الكهرباء لسكان الحي ، كما قالت بأن الشركة إعتبرت ذلك التنيه انذار أول وأنه في حالة عدم ازالة ( الجبادات ) ستقوم الشركة بقطع الكهرباء عن ذلك المنزل ، هذه الجارة كانت مستاءة جداً بسبب ذلك القرار ومحبطة في نفس الوقت لأن قرار عودتها إلى منزلها أصبح بنسبة ضعيفة ، زد على ذلك أنها موظفة لم تستلم راتبها منذ شهور طويلة وأنها تعيش حالياً على الإغاثات وبعض المال الذي تجنيه من بعض الأعمال الصغيرة ، هذا الأمر لا يتوقف عند هذه المواطنة بل ينطبق على آلاف المواطنين الذين أصبحوا يعتمدون على الكهرباء في أشياء كثيرة فضلاَ عن أبسط خدمة ( الإنارة والتهوية )، وهناك بعض الأسر التى تعاني مادياً قامت بإنشاء مشاريع صغيرة معتمدة على الكهرباء في ذلك مما جعل الكهرباء هي مصدر لقوتها ومعيشتها ، كما أن الكثير من الأسر قاطعت الغاز والفحم بسبب غلاء أسعارهم وإتجهت إلى إستخدام الأجهزة الكهربائية مما قلل من ميزانية الصرف في الأسرة ، فكيف لشركة الكهرباء أن تقوم بانذار المواطن وهي تعلم ما يعيشه في هذه الفترة ؟! وهل قامت شركة الكهرباء بدراسة لحالة البلاد والمواطن قبل إصدار هذا القرار ؟ وكيف سيكون مردود هذا القرار على المواطن ؟ وهل هناك مراعاة له ولحاله في حال صدور وتنفيذ هذا القرار ؟ لا أظن ان شركة الكهرباء قد قامت بإجراء هذه الدراسة والإجابة على هذه الأسئلة لأنها لو قامت بذلك لما أصدرت هذا القرار في حق المواطنين .
هناك تساؤل دائماً ما يبدر في أذهان المواطنين حول خدمة الكهرباء في السودان ، فنحن دولة تمتلك منسوب كبير من ماء أطول نهر في العالم من ناحية الروافد ( النيل ) ومن المعروف أن الماء هو المولد الرئيسي للكهرباء ، ونعلم أيضا أن هنالك بعض الدول لا تملك قطرة ماء وتعاني وتصرف آلاف الجنيهات لتوليد الكهرباء إلى مواطنيها ، وتقوم بتوفير خدمات كهربائية ممتازة من ناحية الجودة وعدم إنقطاع التيار وقلة أسعار الكهرباء ومجانيتها في بعض هذه الدول ، فكيف لدولة مثل دولتنا أن تكون خدمة الكهرباء فيها بهذا السوء الذى جعلها من أكبر شكاوي المواطن السوداني ؟! أذكر أن هنالك نكتة متدواولة بين الناس في شبكات التواصل الإجتماعي تقول : أن مجموعة من الرؤساء على طائرة وكل رئيس يعرف دولته من معلم معين وعند المرور بالسودان هنالك بقعة مظلمة إشارة إلى أن السودان دولة تكثر فيها الإنقطاعات بصورة كبيرة وملحوظة ، المواطن السوداني ولبساطتة ضحك من هذه النكتة وهو لا يعلم أنها إهانة على الصعيد الدولي أكثر من كونها نكتة ، فكيف نقبل على نفسنا هذه الإهانة ونحن نعلم أن السودان يمكن أن يتمتع بأفضل خدمة كهرباء في العالم وبصورة مجانية سواء في حرب أو دونها ؟!
وفي ختام هذا المقال وعلى لسان حال أي مواطن سودانى منكوب يعانى مادياً ومعنوياً ونفسياً من هذه الحرب أناشد شركة الكهرباء بأن تراجع قرارها وأن تراعى ظروف المواطن السوداني ، وأن تواصل دعمها لهذا المواطن الذى يحتاج لهذه الخدمة في هذه الفترة طالت أم قصرت أكثر من الحاجة إليها في أي وقت آخر .
مع الشكر /
اية صلاح التوم من الله