بقايا رماد ….لبني ابو القاسم تكتب : اللاجي السوداني في مصر …. مابين المطرقة والسندان

رأي / سودان سوا

لم يدر بمخيلة اي مواطن سوداني إن الظروف ستقودة يوما الي النزوح أو اللجوء من بلده تاركا منزله وحارته واهله وجيرانه واحبابه واصدقائه ومرتع صباه وذكرياته وكل الايام الحلوه والمره وراء ظهره .

ليس اللجوء الي مصر كان رغبة ارادها المواطن السوداني للترفيه أو السياحة ولكن ظروف الحرب والقتل والاغتصاب والاعتداءات النفسية والجسدية والمعاملة الوحشية لمليشيات الدعم السريع علي المواطن المغلوب علي أمره هي ما اجبرت الملايين الي الهجرة الي مصر .
مصر هي اقرب جارة للسودان هي تاريخ ممتد من العلاقات ذات الجذور التاريخية والاجتماعية والثقافية .
العلاقه بين مصر والسودان جغرافيا ابسط واعمق من اي علاقة حدودية للسودان مع أي جارة من الدول الموازية للحدود مع السودان .

ومنذ الازل كان المواطن السوداني يعتبر مصر هي وطن ممتد لوطنه وحضن دافي يمكن إن ياويه وقت الشدة ٫ لم يكن اللجوء الي مصر لسهولة الوصول اليها فهنالك دول بنفس مساحة البعد الجغرافي .
سألت كثير من اللاجئين السودانيين المقيمين بمصر اذا خيرت بان تنام هذه الليلة في بيتك في السودان .؟ فكانت كل الاجابات نعم وياريت .

اي نعم هم مازالوا موجودين علي الاراضي المصرية ولكن خيبة الامل هي التي تجعلهم مازالوا في مكانهم ٫ حتي وإن رفض بعض من الشعب المصري وجودهم ٫ الحيرة وخيبة الامل هي التي تجعل الانسان يقبع في مكان غير مرحب به فيه .
لا ينتظر من اراد العودة إلا الموت والاغتصاب والاهانة وقلة الحيلة ٫ هي خيارات مثل من يتجرع العلقم بيده ولايستطيع ايقاف يده .

ولم تترك الحرب خيار للسودانيين غير الهجرة والشتات ٫ وكل من يقصد اي بلد للهجرة اول مايفكر به هو ان يوفر اي سبيل لتوفير لقمة عيش لاسرته ٫ فالكل خسر كل مايملك من اموال وعقارات واملاك .

ومن الصعب سد احتياجات اي اسره لاجئة بمصر دون العمل حتي ولو كان هامشيا ٫ وبالتاكيد لايقصد اي سوداني بمصر ان يضيق علي اي مواطن مصري في لقمة عيشه أو في إي شي من حقوق المواطنيين ٫ لكن مستلزمات المعيشة اليومية تتطلب ذلك .

كل الذي يمر به المواطن السوداني وهو لاجي في إي بقعة بعيدا عن وطنة لن ينساه وهو يعتبر اقسي درس يمكن إن يمر به الانسان في حياته .

فالخيار بين البقاء كلاجي سوداني بدولة مصر تحاصره المشاكل والضغوط والتهديد بالسجن والطرد خارج دولة مصر وبين الرجوع الي دائرة الحرب المشتعلة التي لا يعرف احد متي تتوقف .
فالخيارين أصعب من بعض وللاسف كل الدروب تؤدي الي طريق غير واضح ولا نهايه له .

إن يقاسي الانسان في بلده ويخرج منها طالبا الامن والامان فيقاسي الامرين كل ذلك يجعل الأمر أصعب ٫ وإن يضغط الانسان علي نفسه ويحملها اكثر من طاقتها فهذا من اسواء سلبيات الحروب لان الترسبات السلبية لن تجعل الانسان يعيش حياه مستقرة نفسيا ٫ فالصحة النفسية هي اساس الحياة .