سفراء المعنى والمضمون / بقلم سيف الدولة عبدالله البنا

سفراء المعنى والمضمون
____________
كل عام والسودان بمن فيه ومافيه يرفلون في جلابيب الهناء والحبور وقد طوى هذه الايام كالحة السواد بحروبها التى احالت الاخضر ليابس والنعمه لبؤس وفقر والسرور لحزن والامل ليأس والرفاهيه لقتر.
لكن!!!!وبرغم انشغالنا بهموم البلاد والعباد فيها وتوقفنا عن الكتابه والمشاركه بالرأى فى الكثير فكان لابد من تقديم شي بسيط للمواطن يطفئ نفث نفسه .
والذى اثارنى اليوم اضافة موقفان وكما عنونت كتابى هذا ب سفراء المعاني والمضمون فهاهو دبلوماسى درجه اولى وسفير مفوض لبلادنا تشهد له في الموقف الاول الوزيره سعادة لولوة الخاطر وزير التعاون الدولي بقطر تظهر في الميديا العالميه وهي تستشهد في خطابها بابيات من ديوان الفرجونى للشعر الشعبى برغم تباين العاميه لكلا القطرين وقد ابدت اعجاب بالفن السوداني وبديوان الفرجونى خاصه.
الموقف الثانى
شرفنى الفرجونى برساله قصيده بعثها من واشنطون الي صديقه الشاعر مرغنى الكردوس وهو مازال دربه حار بالسودان يعني ماتم ضهريه فى امريكا.
لاغرو في فن الفرجونى وتعلقه ببلده واغلب رمزيته له بشجره ويجسمها كخليط له(محبوبه) ومفن لدرجات علا في وصف الطبيعه وتحريك جامدها وثبات متحركها .
لعلك لحظت باننى قلت مفن (بضم الميم وكسر الفاء وسكون النون) ولم اقل (فنان) لان الاخيره خطا متداول علي نطاق الوطن العربي كله وتصريف الفن:
الماضى تفنن والمضارع يتفنن والمصدر مفن لان فنان لها معني اخر فى لغة الضاد وهكذا علمنا اساتذتنا.
ايضا هنالك خطأ فادح يقع فيه كثير من مثقفينا وعندما يراد وصف شخص يقولوا بان له (ابداعات او اشراقات) والكلمتان خطا لانهما مصدر والمصدر لايجمع
ابدع.يبدع.ابداع. اشرق يشرق..اشراق.
وكيف لا نعجب بشعر الفرجوني وهو بعد نظمه للقصائد فيوشمها(يوسمها) بطابعه اولا وبطابع البلد ثانيا وكمثال:
بنات النيل [حليل لون الخدار والحنه]،ومابين القوسين هو الوشم.
[شقر امريكا] .
وكما قلت بان الفرجوني جل شعره مخاطبه للطبيعه فهاهو يبعث برساله مع حمامه (قمريه) ولعل فصاحة عاميتنا السودانيه توافق العربيه الفصحى[كلمة حمامه لكل الطيور البريه التي تشبه اليمام وهو الذى نربيه بالمنازل] لمحبوبته.ولم يدعها تطير لوحدها بل تتبعها في ترحالها ومعاناتها علي طول الطريق وتبثه وجدها لما عانته من مطاردة الصقر لها واب عاج القط الذي حاول الغدر بها ومعاناتها مع الامطار وزمهرير البرد ويصوغ ذلك شعرا بل يرسمه اجمل من لوحات دافنشى.
وكثير من الشعراء عجزوا عن ذلك وكمثال شاعر يدعى ابوبكر الشبلى قال:
رب ورقاء هتوف في الضحى
ذات شجو صدحت في فنن
ذكرت الفا ودهرا صالحا
فبكت حزنا وهاجت حزني
فبكائى ربما ارقها
وبكاها ربما ارقني
ولقد تشكو فما افهمها
ولقد اشكو فما تفهمنى
غير انى بالجوى اعرفها
وهى ايضا بالجوى تعرفنى
اتراها بالبكاء مولعة
ام سقاها البين ماجرعنى
وبرغم جمال الابيات والخيال لكن النقاد عابوا علي الشاعر استعمال كلمة ايضا وهي (نابيه)وغير محبذ استخدامها في الشعر واذا قارنا الخيال مع شعر الفرجوني فهذا الشاعر صرح بان الحمامه لاتفهمه ولايفهمها لكن الفرجونى حملها رساله وفهمت مضمونها وبلغتها المحبوبه وقبل ذلك وحتى المحبوبه سالتها عن احواله بل الحمامه بثته معاناتها وكل ذلك بلسان واحد وواضح.
مادعاني لتلك المقارنه اولا رساله ارسلها الفرجوني لشعراء بلادي في قصيدته الاخيره المذكوره اعلاه وسارجع لها ثانيا الكلمات (النابيه)والمنفره من سماع الشعر والتي يحشرها بعض المتشاعرين في بلادي في هذه الايام فلك ان تتخيل شاعر غنائى هرم يصف حال بلدنا في قصيده (يابلد بتستعدل) وخلافه كثير مما يفسد ذوق متلقي الشعر.وخاصه ممن يطبلون للا شعر وهم جلوس على بمبر[مقعد خشبى] ويمدحون ياسلام….الله يااخي…..و الممدوح يزيد انتفاخا وينشد شعر على شاكلة:
حبيبتى لقيتها في البنطون
كراع في السقاله وكراع في قلبي
ايها الاحباب الكرام الفن رساله ويجب الا يحملها من يجهل كنهها لانها تعبر عن الامه التى خرجت منها وليس عن الشخص الذى اخرجها. فلاتطمسوا وتدنسوا تاريخ بناه الاوائل بالاطلاع والمعرفه. ولابد لمن اراد صياغة الشعر ان يحفظ المعلقات السبع او جزء منها ولامية العرب ومع الحفظ فهم معانيها وكتابة النثر الفصيح.وقبل وفوق ذلك اذا حفظت كتاب الله وعلمت معانيه يغنيك.(ولابد لمن اراد الطيران ان يمشى اولا)
واذا كان لدينا الف شاعر يجب ان يقابلهم مائة ناقد.لان النقد هو اظهار النص الادبي كما اخرجه الاديب اوالشاعر بايجابياته والاشاده بها وسلبياته لمعاجتها.(كلمة اظهار المذكوره اعلاه يقابلها في المجال العلمي كلمة تحليل).ولابد لمعرفتكم بان الشعر هو
الخيال والعواطف وله صله وثقى بكلمايسعد ويمنح البهجه والمتعه السريعه او الالم العميق للعقل البشرى، انه اللغه العاليه التى يتمسك بها القلب طبيعيا مع مايملكه من احساس عميق.
والشعر بمعناه التقليدي هو الكلام الموزون المقفي الدال علي معني.
وشعرائنا حتي من ينظموا الشعر العامى يلتزموا بالوزن والقافيه والمعاني الشامله والساميه مع عدم اغفال موسيقي الشعر ولعل شعبيته بانه يختص ببلدنا لوحده(الدوبيت) ولعل الدول الخليجيه وبعض العربيه يشتركوا في الشعر النبطى ويقال انه لهجة اهل نجد.
اما الشعر الغنائى السودانى ماخوذ من:
الفصحي وهذا قليل ولبعض المغنين.
الشعبي وهذا هو السائد عموما .
هنالك شعر خاصه فى الحقيبه فيه اقتباس من القران الكريم مما جعل المتصوفه تستمع اليه وتجاريه بالمدائح النبويه.
وقبل ان ابرح لابد من رجوع لوصية الفرجوني للشعراء وهذا مااثار كل (الزوبعه) ان جاز التعبير وكلامي عن الشعر اعلاه..
الفرجوني قال:
رساله من (واشنطو) وليس واشنطون لزوم الوزن والمعنى واضح.
ياالكردوس الشعراء الشباب وخلافهم
فاتح الخانه ياريت ابقوا زى اسلافهم
يغنوا علي الجمال ويضاروا نور كشافهم
مايعروا البنات ويخاطروا بي اوصافهم
(هذه رساله للشعراء لحمل مشاعل العفه والطهر لحسناواتنا)
ومااريد الا الاصلاح مااستطعت
سيف الدولة عبدالله البنا
اول ايام عيد الفطر المبارك يوافق 10ابريل 2024