(القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد)

*القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد*

الجملة عنوان المقال اكتسبناها ومعظم (الشباب) و (الشيوخ) من جيلنا (كل كما يريد) عبر المسلسلات العربية… وهي اصلاً مسلسلات (مصرية) لأنه لم يكن هناك غيرها أو قل أجمل منها … فاكتسبنا ما يُعرف بثقافة المسلسلات… فقد كان لها أثرا بارزاً في بناء ثقافة معينة في أذهاننا الغضة ونحن طلاب بالمدارس الابتدائية… ظلت بعض الجمل تداعب خيالنا ولا نعرف معانيها تماماً لكن تصلنا بعض الدلالات عن أي عبارة جديدة علينا… من تلك الجمل على سبيل المثال:-

جملة (الشهر العقارى) فقد كانت جملة غريبة نوعاً ما على أذهاننا الا اننا و من خلال تسلسل الأحداث أدركنا ما المقصود ( بالشهر العقارى) وكذلك لا يخلو الأمر من بعض الطرائف اذكر ان الدرس كان عن الشهور الافرنجية وتم تعريفنا بهذه الشهور من شهر يناير إلى شهر ديسمبر وطلب المعلم حفظ هذه الشهور لأنه سوف يسمعها في الحصة القادمة وكان الصف يخيم عليه صمت كما هو حالنا في تلك الأيام لا تسمع إلا صوت الأستاذ و صوت( صفير البلبل) وأحياناً صوتنا مع فرطقة الأصابع استاذ… استاذ ستازستازستاز عند الإجابة على أي سؤال أو استفسار مطروح ونحن في حالة الصمت تلك إذا بأحدهم يرفع يد مفرطقاً بأصابعه استاذ استاذ ( نحفظهم كلهم) أجاب الأستاذ بالإيجاب مع التحذير من عدم الحفظ… فرد التلميذ لكن يا استاذ الشهور دي ناقصة!!! ! (وين الشهر العقارى) ولكم أن تتخيلوا ما حدث بعد ذلك في ذاك النهار القائظ و الحصة السادسة ….

ولعلنا بعد ذلك فهمنا أن الشهر العقارى أو الإشهار العقاري يمثل ما يعرف عندنا (بشهادة البحث) وجملة التسجيل بالشهر العقارى تقابل عندنا استخراج (شهادة البحث).. والله اعلم

أيضاً من الجمل الشهيرة في المسلسلات غير كلمات (الحب)… بالمناسبة لم يكن هناك شئ يسمى (بالحب) عندنا في السودان اما الان فقد أصبحت له دببة و(خرفان) والضحية معلوم …. والله جد ما كان عندنا (حب) فقد كنا ( ناس ريدة ساااااي) ولعل الاغاني السودانية و ثقت لذلك بكثافة و ( *الريدة الكتيرة يا حنين شقاوة*) مثلما تغني إبراهيم حسين وقبله ردد الكاشف ( *الشوق والريد*)
وكذلك عندما تغني الفنانون لسمسم القضارف قالوا:

*يا سمسم القضارف الزول* *صغير ما عارف*

*قليب الريد الريد كل ما هويتك شارف*

وشبه تلك (المحبة) والإلفة بعطف وحنو كائن لطيف على اطفاله

*بريدك ريد ريدة الحمامة لي وليدا*
*حبيب تعال تعال خلي النتم الريدة*

ولعل( تم الريدة) المقصود به (فتح الخشم) (و قولة خير ) و (سد المال) و (الصُفاح) مع التأكيد على (الصاد) وليس غيرها لأن الكلمة تتبع المندثر من الموروثات في لهجة اهل السودان ولا تستخدم على أيامنا هذه إطلاقا فقد أصبح (عقداً) مثله واي عقودات أخرى (الصاد) نفسها أصابها ما أصاب مجتمعنا من خروقات وانتهاكات…

وكلمة (الحب) هذه تأتي في الاغاني على استحياء ومعطوفة على الريدة أن اتت

*ابتدت ريدة ومحبة* *وأصبحت في ذاتا غاية*
*كنت تمنحني السعادة*
*و ليا تتفجر عطايا*

مثلما تغني الفنان الذري إبراهيم عوض من كلمات سيف الدسوقي أو كما تغنت الفلاتية باغنية بعنوان الريدة

*الريدة الريدة يا حبيب قلبي*
*الريدة الريدة ليك براك حبي*

ألم أقل لكم ان مفردة الحب أو إحدى مشتقاتها تأتي خجولة وعجولة بخجل (مزز) ذلك الزمان (لاحظوا تكرار مفردة الريدة) ذات المفعول الثلاثي

ولكن الذي دعاني لكتابة هذا المقال هو الحيرة التي تنتابني حول ما يحدث من قتل بشكل شبه يومي ولا تكاد الوسائط الإعلامية تخلو من صور الشهداء وسؤال للجهات العدلية هل هذا هو القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد؟؟؟؟

سلام

محمد طلب