في الذكرى الخامسة لرحيلها ..كان سفرا نهائيا ليس فيه امل اللقاء

في الذكرى الخامسة لرحيلها ..كان سفرا نهائيا ليس فيه امل اللقاء

 

محيي الدين شجر
في مثل هذا اليوم قبل خمس سنوات اي في العام 2017 رحلت زوجتي نغم صلاح علي محسن غرقا في ترعة خشم القربة بكسلا ..رحلت يافعة لم تر الدنيا بعد ..ورحل معها نفر من اسرتها بنت خالتها طيبة صاحبة التسع سنوات وزوجة بن خالها صاحبة الاحد عشر عاما ..
رحلت دون وداع لم تخبرني انها راحلة خرجت من الترعة وسلمت الين وعلي لوالدتها ولم تعد اليهما مرة اخرى ..
خمس سنوات من غيابها ولكن لا امل في ان تعود مرة اخرى لقد كان سفرا نهائيا ليس فيه امل اللقاء
الان ابننا علي على اعتاب السنة الثانية ابتدائي والين ماشاء الله عليها انتقلت للفصل السادس بحمد الله وعونه وفضله ..
هي تشبهك تماما في حنيتها ودبلوماسيتها ونظامها ..
اما ابننا علي والذي كان وقتها في حدود العامين فقد شب كما تمنيته انت هادئا مثابرا غيورا ..
خمس سنوات مضت منذ رحيلك وفيها احباء كثر رحلوا من الدنيا الفانية ابي محمد علي ود اميرة الذي رحل في ذات الشهر الذي رحلت فيه وعمي حسن وخالي محمد صالح وخالتي صفية وابن خالي احمد علي ..جميعهم رحلوا وتركوا فراغا في اسرتنا الكبيرة ..مثلما تركت انت فراغا ..
هي كلمات في ذكرى رحيلك الذي خلف اسى وحزنا لكنها مشيئة الله والموت الحقيقة الثابتة التي ينكرها الكثيرون وكل نفس ذائقة الموت ..
رحمك الله رحمة واسعة وحفظ اولادك من شرور الدنيا ..امين يارب العالمين ..

وها انا ذا اعيد ماكتبته بعد رحيلها المر

انفرط العقد…الرحيل المر

محيي الدين شجر

لابد من التسليم ان الموت حق والحياة باطلة كما ظلت تردد والدتي العزيزة فاطمة بت محيي الدين اطال الله عمرها ولابد من التسليم بانا لله وانا اليه راجعون وان كل نفس ذائقة الموت وان تطاولت في العمر …

انا شخصيا اؤمن ان الحياة قصيرة وهي حياة ممر للدنيا الاخرة وخيرنا من تزود وسافر بزاد كثير للاخرة…

لقد فقدت الاثنين الماضي زوجتي الثانية نغم صلاح علي محسن والتي غرقت بمنطقة الرميلة بكسلا ومعها زوجة بن خالتها محمد وابنة خالتها وتدعى طيبة ذات العشر سنوات والتي سميت على اسم والدتها طيبة ..

كان القصد تنظيم رحلة للعروس التي لم يمضي على زواجها عشرة ايام فقط..

ولكن الموت غيبهن الثلاثة ليرحلن الى الملكوت الاعلى ونحسبهن من الشهداء باذن الله ..

كان رحيلا مرا لم يترك لي مجالا للتفكير او التدبير وان تفقد مصباحا في ليلة كالحة السواد فانك تفقد البصر وما اقسى ان تفقد البصر والبصيرة في وقت واحد ..

رحمك الله زوجتي نغم صلاح علي محسن وان تنتقلين للرفيق الاعلى بابتسامة ظلت ترافقك منذ ان التقيتك قبل ست سنوات حينما مررت صدفة بمنزلكم بحي السواقي كسلا ..ومثلما كان ذاك اللقاءمقدرا ومسطرا كان زواجي بك رغم الصعوبات وقتها مقدرا و كان فراقك مسطرا ومقدرا بل اراك ذهبت الى قدرك بنفسك لان ارادة الله واجبة التنفيذ …

هي ست سنوات قضيتها معك ولكنها عمر طويل بمقاييس الحياة والحب والالفة والتشارك والمشاوير والتفاصيل صغيرها وكبيرها ..وعمر قصير احسبه يوما اوبضع يوم لان الايام الجميلة ولقاءات الاحبة تمضي على عجل وانا من وعدك بركوب القطار هذا العام الى بورت سودان وبقضاء بعض الوقت بمنزلكم بكسلا وبزيارةمراتع صبانا بقريتنا المقل بالولاية الشمالية …

لن انسى انك قضيت شهر العسل تمارضين ابي وامي بالقاهرة تضحين باحلى ايام عمرك ولن انسى انك تسافرين الى اسرتي الى بورت سودان لتقدمي العون لوالدتي ولابي في اجازة

المدارس كل عام …

ولن انسى دموعك حينما تتالمين من صروف الدهر وظلم الاقربين لك ولن انسى انك كنتي سكرتيرتي والموظفة معي ولن انسى انشغالك بوالدتك وخوفك عليها باستمرار …

صحيح كان زواجنا حدثا ولافتا لفارق السن ولكنه كان زواجا نادرا لانك امراة نادرة استطعت بما تملكيه من مشاعر وصفات ان تضعي بصمات بارزة في حياتي وحياة زوجتي الاولى واسرتها وابنائي وحياة اسرتي الكبيرة امي وابي واشقائي وشقيقاتي لم تسافري لوحدك فقد سافرت معك ارواح كثيرة تعلقت بك وعزيمتي سافرت معك.

لا حول ولا قوة الا بالله لقد غادرتي دون وداع كانت اخر رسالة منك قبلتين في جوالي وانت المفعمة بالحب ….ولم افهم مغزاهما …الا بعد الرحيل كانتا قبلتا الوداع الحزين المر…

كان التخطيط ان تقضوا وقتا طيبا في ثغرنا الباسم بورت سودان ولكن رحيلك السريع حول البحر الاحمر الى فيضان دموع …

انا لا ابكيك ولكني ابكي روحي التي ارتحلت انا لا ارثيك ولكني ارثي نفسي التي تمزقت انا لا احزن ولكني حزين لابنائي من زوجتي الاولى…حزين لكل من احبك وجالسك ولقروب نواعم الذي اعتبر رحيلك رحيل للقروب وتكفي الاتصالات النسائية التي وصلتني من نساء لا اعرفهن زرفن الدموع وشقين الجيوب ..

حزين ومسلم بقضاء الله واعلم بانك اردت لي كل الخير ولابنائي من زوجتي الاولى ولزوجتي والتي ستعرف حجم الفقد الجلل ….

ان ابنائي من رحم امراة اخرى يفتقدونك الان لانهم تعودوا ان تكوني بينهم ان تشتري لهم حاجاتهم ومستلزمات المدرسة كل عام انهم فقدوا الان من يزين راسهم بالقطعيات الشبابية ..

كنت معهم في لعبة في الانترنت تفوزون وتخسرون وتتضامنون فمن يتم اللعبة الان من يعد لهم المخبازة ويلاعبهم من يغاضبهم ويحثهم على الدرس ..

لعبت معهم كرة القدم ونط الحبل كنتي لهم اما ثانية تشاركيهم وتؤانسيهم فاصبح لهم (امين )…وكنت اختهم الكبرى كنت اخت بنتك الين وابنك علي..واختي انا …من يصبر اميرة من زوجتي الاولى التي ظلت تقطن معك باستمرار ومن يهدي ابني الكبير محمد من يغالطه في الحياة ومن يشجعه على القراءة ومن يغاضبه ويشتد معه ومن يتسامر مع زوجتي رقية ويشرب معها القهوة ويتفقد احوالها ومن يشتد مع ابني عمار ويعنفه ومن يحاكيه من يتكلم معي بلهجة الرشايدة وبلهجة الشوايقة وبلهجة بني جلدتك اليمانية ….من يناكفني ويشجعني حينما تضيق بي الحياة من يهنئي بالنجاح ويزرع فيني الامل من يخطط ويرسم ويتبرع بكل مايسعد الاخرين …..

من يشجع بنات وابناء اخواتي واخواني …لقد كنت لهم جميعا عطر طيب تنعموا بمسكه مع انك كنت تتالمين اكثر مما تفرحين …

كانت حياتنا ضربا للمثل وسط الناس كيف لامرتين في بيت واحد بمثل ذاك التفاهم والانسجام ..لاموني على الارتباط بامراة صغيرة لم تتجاوزين وقتها الثلاثة والعشرين عاما ..ولكني عرفتك بانك امراة بوزن اغلى من الذهب..

ياحسرتي على فارقك لهم ولي ياترى من يذهب بهم للمستشفى يمارضهم في غيابي من ومن ….ومن يطمئني عليهم بعدك ومن تتحلق حوله الاسرة ومن يتصدى للترويح عنهم ….

افتقد الان كل شئ فيك ابتكارات الاطعمة التي تعديها والقهوة التي تجعليها مجلسا دافئا لنا جميعا…من يحرص على لم الشمل ويوزع فيها الفرفشة والقفشات من يستجيب لطلبات علي الصغير ومن سيرافق ابنتك الين في اول عتبة في المدرسة يجمل شعرها ويعد لها السندوتشات والعصائر ويرافقها ويوصي عليها المشرفة .

عشتي حياة فقدتي فيها حنان الوالد الذي تركك صغيرة واختار الابتعاد والهروب بعيدا عن مسؤولياته تجاهكك ..

تذوقت طعم اليتم بل كنت يتيمة ولم يمت الوالد فكافحت والدتك (طيبة) رغم الظروف الصعبة جدا لتربيتك احسن تربية وتربيت في احضان عبيد الله (زوج خالتك الرشيدي الاصيل ) وخالك رمضان وخالتك سيدة وقد رعوك بحبهم ولهذا لم اكن استغرب وانتي تبادليهم الوفاء والحب وتحفظين لهم الجميل وتحاولين رده متى ماسنحت لك الفرصة و اظن ان اختيارك لي فيه جانب لتعويض حنان الاب واحسب انني حاولت ان اكون لك ابا وزوجا واخا وكنتي انت شقيقة ابنائي من زوجتي الاولى وزوجة واخت ..وام ابنائي …

نعم شقيقتهم وحملتي عني عناء كثير شاق ومرهق ….

تزوجتك يافعة فكنت الناضجة والكبيرة ونعم الرفيقة بالدفء والروح وحلو المعشر ..

رحلتي غاليتي لان الله اراد لك الرحيل وتركتيني في منتصف الطريق ومعي طفلك الرضيع وصغيرتك الرائعة الين ذات الخمس سنوات والتي غمرها الله سبحانه وتعالى بيقين مذهل وهي تقول لي ان امي سافرت الى السماء وتارة سافرت الى الجنة وحينما يغمرها الشوق ويكاد يكسر قلبها الصغير تقول لي يابابا انا ماعندي ام مع انك جعلتيها تناديك بماما وزوجتي الاولى (امي) وعلى حبوبتها( اما )….وتقولين لها دائما تعالي يابت ابوها ….

فكان القدر يرسم لك الطريق بعدك ….

اطمئني قلت لالين اطمئني بقيت لك امين والله كفيل بك …

قرابة الست سنوات قضيتها معها ولا اعرف انا هل هي ست ساعات ام ست قرون كنت تخططين وتحلمين بحياة مستقرة واعلم صدقيني انك احببتيني حبا جما كنت اشعر بغيرتك التي لامثيل لها وكنت انا الزوج الذي ترسمين طريقه الناجح ..

نعم اختارها الله و لست غالية عليه …وكما يقولون الموت نقاد يختار مايشاء الى جواره …نعم منذ ان قال لي الرشيدي عبيد الله في ليلة الزواج انها امانة في عنقك كنت انت الامينة علي وعلى حياتي كلها بكل تعقيداتها..

رحمك الله رحمة واسعة واسكنك فسيح جناته مع الصديقين والشهداء واسال الله ان يتغمدك بواسع رحمته …آميين يارب العالمين ولا حول ولا قوة الا بالله وانا لله وانا اليه راجعون.