اجمل ماقرأت / بريد وبرق

منوعات : سودان سوا

بريد و برق
……………………………………………..
الدكتور جون قرنق تساءل بالإنجليزية I wonder why they call us Mummarideen? As far as I know , Mummarideen are men who work in the hospitals.
و ترجمتها : أنا أستغرب لماذا يسموننا (ممرّدين …ما أعرفه أن الممرّدين هم الذين يعملون بالمستشفيات )

كنا قد قدمنا من الجنوب ….أنا و إخوتي متمردين …..متمردين عديل …..دخلنا الغابات و حملنا السلاح و أبينا و رفضنا .
طارق أخوي …كان يتحدث جنوبي ….رطانة يقطعها (من راسو ) ….و الغريب أننا نفهمها ….حدثنا مرة و هو بعمر سنة ….بأصبعه …أن شيئاً يتلوي ….و نحن حلوق تحت شجرة نيم عالية ….حول الوالدة حفظها الله ……فإذا بثعبان ….كجيش المسلمين ….(زمان ) راسه بيننا على العشب …و آخره بأعلى الشجرة ….ينزل على راحتو …….(عدلت ) الوالدة بيدها إتجاهه ……فأطاع و ذهب حيث يريد .
طارق هذا نعتته إحدى بنات البلد الكريمات …..(بالجنوبي ) …..فأشار لحمار قريب…..( إنت دا دا …..أنا مالو مالو ؟ )
و ربما يتساءل الناس ما دخل البريد في هذا ؟ ….لم تكن هناك (موبايلات و لا جوالات نقالة و لا هواتف ثابتة ) (و لا الواصطاب و لا الإيمو.. و لا الماسنجرات ) …و غيرها من أدوات التواصل الإجتماعي المطّاط و غير المطاط ….
كان هناك البريد و البرق …..الجواب ….الخطاب ….حلقة الوصل بيننا في كلحية …..و الوالد …رحمه الله …في أدغال الجنوب ….نكتب الخطاب …نعطيه طه الشيخ سيداحمد ..ببوستة المقل ….و في أقل من أسبوع يأتي الرد و المصاريف ….ولا نفقد إلا المشاهدة الغالية .
كانت خالاتنا يأتيننا بالمنزل لنكتب لهن الجوابات ….شقيقي المحفوظ يوسف …كان يتمرّد عليهن …..و يزوغ ….(بالخور ) ….و لما تسأله الوالدة حفظها الله …ليه آب تكتب لهن ؟ يجيب : أنا فترت من ( عافي منّك عفوياً قدر سبيب راسك ….يغتّيك و ينجيك من كرب الزمان…..و ما بعرفو مانن مانن :::)
و الأسرة في البلد كانت تتلقى الأخبار العاجلة في المواليد و الوفَيَات ….بالبرق …البرق دا ….رسالة ترسل من المصدر بحروف تضرب على الجهاز …..فتظهر في الطرف المستقبل ….على أصلها …..( رزقنا مولوداً …..الحمد لله ) ….التيليغراف ….و التيليغراف نظام شفرات …واللاسلكي نظام كلام بين جهتين …..لكن الموجود في البلد كان نظام الرسالة ( البرق ) …..البريد و البرق ….كان صلة السودان بالعالم الخارجي
بفضل الله الذي هيأ لنا البريد و البرق من زمان ما قبل الإستقلال …كنا عايشين …حامدين ….و ناكل البصلة الخدرا و الملاح اللخدر و الكسري المكددة …و نشرب الشاي المقنن و نخش اللبن و نشرب الروب و ناكل الربيت …و القرش في المرسال للدكان..يجيب لك رطل سكر و كبريتي …و جاز و ملح …و معلقة طحنيي ….و تمنة شاي ….و الباقي نفطر بو (فول عيساوي )
كان لنا بريد …و برق ….و عنهما يحلو الحديث …كما يحلو السمر في بلاد (النيل و القمر) .

عمار سيد احمد شليعة