حين تتحول المدرسة إلى أسرة.. الكودة يبني مؤسسته على القيم قبل الطوب” بقلم: محيي الدين شجر

حين تتحول المدرسة إلى أسرة.. الكودة يبني مؤسسته على القيم قبل الطوب”
بقلم: محيي الدين شجر
في تجربة تعليمية فريدة، نجحت مؤسسة د. أبوذر الكودة التعليمية في بناء مجتمع مهني وإنساني متكامل، يضم أكثر من ٣٥٠٠ موظف من معلمين ومشرفين وعمال وإداريين، يعملون في بيئة شعارها: “الجميع شركاء.. لا أُجراء.”
بمبادرات نوعية شملت تمليك سيارات ومنازل وتحقيق الاستقرار الوظيفي، رسمت المؤسسة مسارًا جديدًا لفكرة “الرضا المهني”، وأثبتت أن المعلم المنتج هو من يحظى بالاهتمام الإنساني أولًا.
وعلى المستوى الاجتماعي، تجاوزت المؤسسة دورها التعليمي، فبلغ عدد الزيجات داخلها أكثر من 150 زيجة بدعم مباشر من الإدارة، بينما لم تغب عن مواقف الفقد، كما حدث في وفاة المعلم محمود، حيث ساهمت الإدارة والزملاء في شراء “ركشة” لأطفاله.
تشرف المؤسسة على منظومة دقيقة من الإدارات المتخصصة، من بينها:
إدارة القياس والتقويم، التوظيف، التدريب، الترحيل، الأنشطة، الإعلام، والخدمات، إضافة لوجود عدد كبير من الموجهين لتحسين أداء المعلم، وليس مراقبته.
أما أبرز ما يلفت الانتباه فهو وجود عدد كبير من الموجهين – لا علاقة لهم بالتدريس المباشر – هدفهم الوحيد هو تحسين أداء المعلم عبر المتابعة والتدريب والتقييم المستمر.
في المرحلة المتوسطة بالقاهرة وحدها، يوجد 16 موجهًا، أي أكثر من عدد المواد نفسها، في دلالة واضحة على الاستثمار النوعي في الكادر البشري.
وفي لفتة رمزية راقية، دأبت المؤسسة على تحفيز معلميها بخواتم ذهب، تعبيرًا عن التقدير المعنوي والمادي في آن واحد، ضمن ثقافة تجعل من الاحترام مبدأً، ومن الامتنان سلوكًا يوميًا.
مؤسسة د. أبوذر الكودة التعليمية ليست مجرد تجربة في التعليم، بل نموذج في إدارة الإنسان.
إنها تزرع الكرامة قبل الحروف، وتصنع الانتماء قبل اللوائح، وتُعيد تشكيل معنى “المدرسة” في الوجدان السوداني، بوصفها بيئة للحياة لا للحفظ.