مسارات تهريب الذهب السوداني… من فوهات البنادق إلى مصافي دبي ومخازن الكرملين”

مسارات تهريب الذهب السوداني… من فوهات البنادق إلى مصافي دبي ومخازن الكرملين”
بورت سودان : إعداد سودان سوا
في واحدة من أكبر شبكات التهريب العابرة للحدود في إفريقيا، يتحول ذهب السودان إلى وقود صراع ووسيلة لتمويل الحرب الدائرة، بينما تتسلل أطنانه إلى خزائن دبي ومصافي موسكو.
مسارات تهريب متشابكة
وفق مصادر مطلعة وتقارير دولية، تتوزع مسارات تهريب الذهب السوداني على أربعة محاور رئيسية:
1. من دارفور إلى الإمارات عبر أفريقيا الوسطى والقرن الإفريقي:
مناجم الذهب الواقعة تحت سيطرة قوات الدعم السريع (RSF) تُنقل عبر تشاد، جنوب السودان، كينيا وأوغندا، قبل أن تُشحن جواً إلى دبي. وأصبحت كينيا في الآونة الأخيرة مركز عبور رئيسي للذهب المهرب إلى الإمارات.
2. من شمال وشرق السودان إلى أسواق أوغندا وصولًا إلى دبي:
تهرَّب كميات ضخمة من الذهب من مناطق مثل أبو حمد والبحر الأحمر عبر مصر إلى أسوان، وأحيانًا عبر الطيران إلى أوغندا قبل دخولها السوق الإماراتية.
3. من مناجم “فاغنر” إلى موسكو مباشرة:
المجموعة الروسية الخاصة “فاغنر” – والتي لا تزال نشطة رغم تغير هيكلها بعد الحرب في أوكرانيا – تدير عمليات تهريب من مناجم مثل الإبيدية، مستخدمة طائرات خاصة لنقل الذهب مباشرة إلى موسكو، بهدف التهرب من العقوبات الدولية.
4. غسيل الذهب في دبي وإعادة تصديره دوليًا:
حالما يدخل الذهب إلى الإمارات، يُعاد صهره وتدويره في مصافي دبي، ويتم تمييزه على أنه “ذهب نظيف” قبل تصديره إلى أسواق مثل سويسرا وبريطانيا والولايات المتحدة.
الأرقام الصادمة:
إنتاج السودان من الذهب في 2024 قُدِّر بنحو 80 طنًا، تعادل أكثر من 6 مليارات دولار.
أكثر من 50-60% من الإنتاج يُهرّب خارج البلاد.
الإمارات استوردت في 2022 من إفريقيا وحدها حوالي 405 أطنان من الذهب دون إعلان رسمي عن المصدر.
—
دوافع التهريب: سلاح.. أموال.. نفوذ
شبكات التهريب مدعومة ببنية تحتية معقدة من المصالح القبلية، والعسكرية، والمصالح الحكومية، حيث تتشابك طرق التهريب من “درب العسكر” في دارفور حتى معابر النيل في الشمال.
دبي، من جهتها، تحولت إلى “مصرف الذهب الإفريقي” دون رقابة صارمة على مصادر الشحنات. أما روسيا، فترى في الذهب السوداني شريانًا حيويًا لتمويل تحركاتها العسكرية في ظل العقوبات الغربية.
التداعيات الإنسانية والاقتصادية:
انهيار اقتصادي: الاقتصاد السوداني الرسمي يفقد سنويًا مليارات الدولارات من عائدات الذهب.
فشل دولي في الردع: رغم بعض العقوبات الفردية على شركات مثل “Tradive” في الإمارات، إلا أن البنية العالمية للتهريب تواصل عملها بلا توقف.
خلاصة:
في وقتٍ ينزف فيه السودان دماءً واقتصادًا، يواصل “ذهب السودان رحلته من مناجم النزاع إلى خزائن لا تعرف الرحمة… من دارفور إلى دبي… ومن الإبيدية إلى موسكو!