بربر و الدامر بيئات غير جامعية

بربر و الدامر
بيئات غير جامعية
قبل شهرين سافر مهندس صديق طموح لمدينة الدامر للجلوس لإمتحانات المعادلة في القانون. و قد إستعد لهذا الطموح طيلة سنوات قضاها بين دراسة القانون و ممارسة مهنة الهندسة المعمارية الصعبة.
طمأناه أنه سينجح لكنه رجع قبل أن يكمل الإمتحانات متعللاً بالبيئة السيئة لمكان الإمتحانات و عدم وجود أبسط مقومات ضروريات الحياة و التحضر. متمثلة في عدم وجود دورات مياه و لا مياه للشرب و لا للإستحمام و لا بيئة صحية و قال خرجت من منزلي لأسكن في كوشة من تلقاء نفسي.
و سافرت بنت جيراننا الصيدلانية لأداء إمتحانات جامعتها بمدينة بربر للمرة الثانية فأخبرت أهلها أن الداخليات ببربر هي نفس داخليات العام الفائت بلا مقومات للعيش من فرش صحي و عدة مطبخ و لا تدري ماذا سيحدث حين يهطل المطر و تجري السيول كما حدث في العام السابق حين أوشك كثير منهن على الهلاك بسبب الظروف المناخية.
لماذا تكون إمتحانات المعادلة في بيئة
غير صحية و لماذا أصلاً لا يوجد ماء و لا صحة بالمدينة التي كانت عاصمة المديرية الشمالية،أين واليها و تجارها و أين عائد ذهب الولاية؟
و كيف تقام أمتحانات الصيدلة بمدينة ليست بها أبسط إحتياجات البنات من عدة مطبخ يمكن أن يوفر رئيس مجلس أمناء الجامعة من مطبخ بيته؟
.
و لكن بعض الجامعات امرها غريب.
جامعات علمية، فيها الفلكي و الصيدلاني و عالم البيئة و المناخ و الطب و الزراعة و الري و التخطيط و الاستراتيجات.
فيها كل هؤلاء العلماء و لا تفكر متى يكون الإمتحان، في أي شهر و أي يوم و أي نوء وأي عينة و أي مناخ و أي فصل و أي مكان!
راعي الضأن في بربر يعلم انه ميعاد المطر و السيول و الهبوب و فيضان النيل و الكوارث الثي تضرب نهر النيل من أبوحمد إلى الخرطوم و تمسح مناطق الحصا و العبيدية و بربر و المكايلاب و تعبر النيل إلى الغبش وكدباس.
ميعاد الإمتحان هو مواعيد غرق المدارس من بربر إلى أبوهشيم.
و المدارس خصصوها للبنات القادمات من ولايات أخرى للإمتحان.
و ميعاد الإمتحانات هو موعد فيضان خور عرب و جرف طريق عطبرة هيا، عطبرة شندي.
وجنوح البصات و الموت على طريق السيول.
و بالفعل كادت الطالبات ان يغرقن في خورعرب لولا عناية الله، و تدخل هيئة الطرق و الجسور.
و الله وحده أعلم بما لاقين من عذاب في داخلياتهن و السودان كله يمطر.
و قد كانت إمتحانات كلية التمريض و كلية طب كرري في النصف الثاني من شهر مايو للعام المنصرم و قد مر على الطلاب و الطالبات بسلام، رغم قساوة المدينة في سكنها و طقسها و مواصلاتها و تراكم ازماتها
و من المؤسف ألا يكون في الجامعات من يعرف طقس اليوم و الغد و طقس بعد مليون سنة
و لا يسأل.
.
هذه المدن لا تعيش حالة الحرب و الحمد لله و هو من أسباب ترهلها و نومها و إهمالها ما بنته بنفسها!
و من المؤسف جدا ألا تكون بمدينة بورتسودان معامل ليمتحن فيها طلاب علم الصيدلة أو قاعات لأمتحانات المعادلة.
و المدينة ميناء و عاصمة
فسبحان الله العظيم.
عمار سيداحمد شليعة
مدير أسبق للجيولوجيا البحر الأحمر