مهند هارون يكتب : محادثات ” جدة ” ..هل تفضي لحل الازمة السودانية؟

مهند هارون يكتب :
محادثات ” جدة ” ..هل تفضي لحل الازمة السودانية؟

بقلم : مهند هارون الباحث السياسي والاكاديمي

بعد ان ذهبت مخرجات مفاوضات منظمة الايقاد الشبه إقليمية على أدراج الرياح، و مقاطعة الجيش السوداني لها بحجة أن الرئيس الكيني رئيس الدورة الحالية للمنظمة تربطه مصالح تجارية مع قائد قوات الدعم السريع، والتي استضافتها أديس أبابا الأسبوع الماضي، وأوصت ب: “خرطوم خالية من السلاح”، و”نشر قوات داخل السودان”، وما تلى ذلك من مساعي إقليمية حثيثة لوقف الاقتتال، كُللت بإعلان مؤتمر مصر، أو ما عرف في الأوساط الإعلامية بمؤتمر جوار السودان الخميس الماضي والذي ختم أعماله ب “أن القتال في السودان شأنا داخليا ويجب أن يكون حله داخليا”، و”الإسراع في التوصل إلى حل ينهي هذا الحرب والحد من تداعياتها لدول الجوار”، وكذلك بعد تعثر مفاوضات جدة السابقة التي أعلن راعياها السعودي والأميركي الشهر الماضي “تعليقها” الى أجل غير مسمى، أعلن بالأمس السبت عضو مجلس السيادة السوداني الفريق شمس الدين الكباشي استئناف مفاوضات جدة آملا أن تُمهد مخرجات تلك المفاوضات والمساعي الحميدة لوقف دائم للنزاع العسكري المسلح الذي دخل شهره الرابع صبيحة الامس.
عودة وفد الحكومة السودانية لطاولة التفاوض
سياسيا، بعد أن كشف دبلوماسي سعودي أن المفاوضات بين الطرفين المتحاربين في السودان والمنعقدة في جدة لم تحرز “تقدما كبيرا”، ما يضعف الآمال في التوصل لوقف سريع للاقتتال، فقد عاد ممثلون للجيش السوداني الى مدينة جدة السعودية، بعد أن علق وفد الجيش التفاوض بحجة عدم احترام قوات الدعم السريع للهدن المتفق عليها في المفاوضات واختراقها، فقد نقلت “رويترز” عن مصادر تأكيدها وصول ممثل الحكومة السودانية إلى جدة لاستئناف المفاوضات والذي يضم اللواء أبو بكر فقيري واللواء محمد محجوب والسفير عمر صديق للجلوس على طاولة التفاوض مع قوات الدعم السريع، للخروج من أزمة الاقتتال المسلح بين الجانبين، وحقن الدماء، ووقف الانتهاكات وأعمال العنف التي تشهدها العاصمة السودانية الخرطوم منذ صبيحة السبت الخامس عشر من نيسان/أبريل الماضي، والحد من نزوح ولجوء السودانيين إلى دول الجوار، وتوصيل المساعدات الإنسانية للمتضررين من الحرب وانسياب الخدمات لسكان الخرطوم، والتوصل إلى ترتيبات أمنية بين الأطراف المتصارعة، والوصول إلى حل شامل يفضي بتشكل حكومة مدنية تقود المرحلة الانتقالية الحرجة في تاريخ الدولة السودانية الحديثة، ثم انتخابات نزيهة تخرج البلاد من النفق المظلم المعاش.
ترحيب من جانب قوات الدعم السريع لعودة المفاوضات
من جانب آخر، رحب المستشار السياسي لقائد قوات الدعم السريع يوسف عزت بالعودة إلى طاولة المفاوضات، مشيرا إلى أن وفض الدعم السريع موجود بمدينة جدة وملتزم بالعودة للتفاوض مرة أخرى، للوصول إلى حل شامل ينهي الحرب، كما برهن عزت عودة كباشي لجو المفاوضات بان الجيش لم يستطع حل الازمة عسكريا، بل وصل بهم الأمر إلى القناعة بان لا نهاية لهذه الحرب إلا عبر الجلوس في طاولة التفاوض، وأن وفده مستعد لخطوة كهذه لوقف الصراع على السلطة بين قائد الجيش عبد الفتاح البرهان ونائبه آنذاك محمد حمدان دقلو الذي يقود قوات الدعم السريع، وأوقعت تلك المعارك ثلاثة آلاف قتيل على الأقل وأدت الى نزوح ولجوء أكثر من ثلاثة ملايين آخرين داخل وخارج السودان
تساؤلات عن عودة مفاوضات جدة
في السياق، لاقت مبادرة عودة الجيش السوداني لطاولة المفاوضات في مدينة جدة تساؤلات عديدة من قبل الشارع السوداني وبعض المتابعين للازمة السودانية، فبينما رحب البعض بهذه المبادرة، وأن العودة للمفاوضات والجهود الدبلوماسية خطوة جيدة للمضي قدما نحو حل سياسي ينهي هذه الأزمة، ويعالج الأوضاع الإنسانية المزرية، للوصول إلى سلام مستدام في وسط واطراف السودان المترامية، هنالك طرف أحر ضد هذه العودة لكرسي التفاوض، وينتقد هذه الخطوة من قبل الجيش، ويعتبرها نقطة ضعف، وانكسار وماهي إلا تقديم تنازلات من قبل قيادات الجيش، معللين بان متخذي القرار داخل الجيش لم يحددوا آلية لتلك العملية ولا تفاصيلها، الامر الذي سوف يؤدي إلى انقسام الجبهة الداخلية المقاتلة، مما يقود الى تعمق الأزمة، فهذا الطرف يذهب إلى أن قوات الدعم السريع ليس لها مستقبل سياسي في السودان، وأن الجلوس معهم في طاولة التفاوض مرة أخرى يدل على قبول الانتهاكات التي قاموا بها منذ بداية هذه الأزمة.