محمد قسم السيد .. يكتب في ( هذا ما حدث ) مبادرة عقار الدخول من باب الخروج

محمد قسم السيد .. يكتب
في ( هذا ما حدث )
مبادرة عقار الدخول من باب الخروج
لم تجد المبادرة التى اعلن عنها ،رئيس الحركة الشعبية لتحرير السودان شمال، مالك عقار، اى ترحيب من القوى السياسية، و الآلية الثلاثية، بل لم تحظى باى تعليق ، لجملة من الأسباب المنطقية ، أولها موقف الرجل، من انقلاب 25 أكتوبر ، الموقف الذى وضعه في خانة العداء ضد الثورة، الثورة التى أتت به عضوا في مجلس السيادة، ثم تصريحاته الغريبة، التى وصف فيها المظاهرات بالإرهاب ضد الدولة ، والتقليل من حراك الشباب، الذى وصفهم بالأطفال الذين مكانهم ساحات اللعب و المدارس ، وان ما يقومون به ليست مظاهرات بل فوضى ، ثم أغفل عقار لجان المقاومة في مبادرته ،التى حصر أطرافها في المكون العسكرى، وقوى الحرية والتغيير، و الموقعين على اتفاق جوبا للسلام ،و يبدو ان عقار تجاهل لجان المقاومة بكامل إرادته، لكونه لا يعترف بالحراك الثوري ،ولا يعترف بالشباب كمحرك أساسي للمشهد السياسي في البلاد، تلك الأسباب وضعت مبادرة الرجل في سلة المهملات ،مع انه لو تأمل قليلا في المشهد السياسي، لما أقدم على ما أقدم عليه ، فقط بالرجوع إلى مبادرة الجبهة الثورية ، التى فشلت في مهدها ، والسبب هو موقف الجبهة الثورية من انقلاب 25اكتوبر، اى ان مالك عقار لم يتعظ، في تقديرى مبادرة عقار محاولة لكسر حاجز العزلة الجماهيرية التى تعرضت له الجبهة الثورة والحركة الشعبية شمال، عقب 25 أكتوبر ،وما مبادرته تلك الا لبث الروح في جسد حركته التى تتنازعها الانقسامات وتباين المواقف ،من اكبر الأخطاء التى وقع فيها مالك عقار، تصريحاته غير الموفقة فى اجتماعات الجبهة الثورية فى الدمازين فى مارس الماضى ،حيث (رهــن مواقفهم السياسية بتنفيذ اتـفـاق جوبا وقال انهم سيعملون دائما مع من ينفذ الاتفاق، ويقفون ضد من يعمل على إعاقته) واظن اعلاه يوضح الصورة الغائبة عن ذهنية مالك عقار اولا ، وفى ذهنية من اجتهدوا من خلفه لصياغة تلك المبادرة، ولعل الذين اجتهدوا فى مبادرة عقار، لم يحذروا الرجل من المخاطرة بالظهور على المسرح السياسي، كقائم وحريص على حل الازمة، لانه جزء منها ، وطالما أنهم مع من ينفذ اتفاق السلام اذن هم مع الطرف الأقوى المكون العسكرى ، و فات على هولاء في لحظة انتشاء بالسلطة ،وسوء تقدير سياسي ، ان الطرف الأقوى هو الشارع وليس المكون العسكرى، ولعل فترة التسعة أشهر الماضية كشفت بوضوح لعقار والذين معه ،من الذى يسيطر على المشهد، ومن الذى يفرض إرادته ،صحيح المكون العسكرى والحركات المسلحة، تمسك بزمام السلطة الآن، لكنها سلطة بلا فاعلية ، عمد بلا اطيان ، سلطة الحال الواقف …أهم ما يمكن ان يستخلصه المرء من فشل مبادرة الجبهة الثورية، و فشل مبادرة مالك عقار، لحل الأزمة السياسية، هو ان كلاهما عرف حجمه الحقيقي في الشارع السياسي السودانى، وكشف لهما كم الخسائر الناجمة من موقفهما السلبى من الثورة الشعبية السودانية، التى بدورها (فرزت الكيمان) ، و عرت من يدعون الكفاح المسلح، ضد الدكتاتورية والشمولية، وها هم الان يمروحون في ساحتها الضيقة فرحين إلى حين ، .. باختصار مبادرة عقار محاولة العودة إلى الواجهة بالباب الخلفى ..